وأما النّعمة ـ بكسر النون ـ فاسم للحالات الملائمة لرغبة الإنسان من غنى أو عافية أو نحوهما.
وأما النّعمة ـ بالضم ـ فهي اسم المسرة. يقال : فلان في نعمة ـ بضم النون ـ أى : في فرح وسرور.
وقوله : (وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً) أى : واتركهم ودعهم في باطلهم وقتا قليلا ، فسترى بعد ذلك سوء عاقبة تكذيبهم للحق.
وقوله ـ سبحانه ـ : (إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالاً وَجَحِيماً ...) تعليل لما قبله. والأنكال : جمع نكل ـ بكسر النون وسكون الكاف ـ وهو القيد الثقيل ، يوضع في الرجل لمنع الحركة. وسميت القيود بذلك لأنها تجعل صاحبها موضع عبرة وعظة ، أو لأنها تجعل صاحبها ممنوعا من الحركة ، والتقلب في مناكب الأرض.
أى : إن لدينا ما هو أشد من ردك عليهم ... وهو تلك القيود التي نقيد حركتهم بها ، وإن لدينا «جحيما» أى : نارا شديدة الاشتعال نلقى بهم فيها ، وإن لدينا كذلك «طعاما ذا غصة» أى : طعاما يلتصق في الحلوق ، فلا هو خارج منها ، ولا هو نازل عنها ، بل هو ناشب فيها لبشاعته ومرارته.
وهذا الطعام ذو الغصّة ، يشمل ما يتناولونه من الزقوم ومن الغسلين ومن الضريع ، كما جاء في آيات أخرى. والغصة : ما ينشب في الحلق من عظم أو غيره. وجمعه غصص.
وإن لدينا فوق كل ذلك (عَذاباً أَلِيماً) أى : عذابا شديد الإيلام لمن ينزل به.
فأنت ترى أن هذه الآية الكريمة قد توعدت هؤلاء المكذبين بألوان من العقوبات الشديدة ، توعدتهم بالقيود التي تشل حركتهم ، وبالنار المشتعلة التي تحرق أجسادهم ، وبالطعام البشع الذي ينشب في حلوقهم ، وبالعذاب الأليم الذي يشقيهم ويذلهم.
والظرف في قوله ـ تعالى ـ : (يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ ...) منصوب بالاستقرار العامل في «لدنيا» ، الذي هو الخبر في الحقيقة.
أى : استقر لهم ذلك العذاب الأليم لدينا ، يوم القيامة ، يوم تضطرب وتتزلزل الأرض والجبال.
(وَكانَتِ الْجِبالُ) في هذا اليوم (كَثِيباً مَهِيلاً) أى : رملا مجتمعا ، بعد أن كانت قبل ذلك الوقت أحجارا صلبة كبيرة.
فقوله : (كَثِيباً) من كثب الشيء يكثبه ، إذا جمعه من قرب ثم صبه ، وجمعه كثب