بسم الله الرّحمن الرّحيم
تفسير
سورة المدثر
مقدمة وتمهيد
١ ـ سورة «المدثر» من أوائل السور التي نزلت على النبي صلىاللهعليهوسلم ويغلب على الظن أن نزولها كان بعد نزول صدر سورة «اقرأ».
ويشهد لذلك ما رواه الشيخان وغيرهما عن عائشة ـ رضى الله عنها ـ : أن النبي صلىاللهعليهوسلم جاءه الوحى وهو في غار حراء ، فجاءه الملك فقال له : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ، خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ).
وروى الشيخان ـ أيضا ـ وغيرهما ، عن يحيى بن أبى كثير قال : سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن عن أول ما نزل من القرآن؟ فقال : يا أيها المدثر. قلت : يقولون : اقرأ باسم ربك ..
فقال أبو سلمة : سألت جابر بن عبد الله عن ذلك ، فقال : يا أيها المدثر لا أحدثك إلا ما حدثنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : جاورت بحراء ، فلما قضيت جواري : هبطت الوادي ، فنوديت عن يميني فلم أر شيئا ، ونظرت عن شمالي فلم أر شيئا .. فرفعت رأسى ، فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض ، فرجعت على أهلى فقلت : دثروني ، دثروني. فنزلت (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ، قُمْ فَأَنْذِرْ).
قال الآلوسى ما ملخصه : وظاهر هذا الحديث يقتضى نزول هذه السورة قبل سورة اقرأ ، مع أن المروي في الصحيحين عن عائشة أن سورة «اقرأ» أول ما نزل على الإطلاق ، وهو الذي ذهب إليه أكثر الأمة ، حتى قال بعضهم وهو الصحيح.
وللجمع بين هذين الحديثين وجوه منها : أن مراد جابر بالأولية أولية مخصوصة ، بما نزل بعد