مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ كانَتْ قَوارِيرَا (١٥) قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوها تَقْدِيراً (١٦) وَيُسْقَوْنَ فِيها كَأْساً كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلاً (١٧) عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً (١٨) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ إِذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً (١٩) وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً (٢٠) عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً (٢١) إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً)(٢٢)
فقوله ـ سبحانه ـ : (إِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ ..) كلام مستأنف لبيان جزاء الكافرين ، بعد أن تطلعت إليه النفس ، بعد سماعها لقوله ـ تعالى ـ : (إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً).
وابتدأ ـ سبحانه ـ بذكر جزاء الكافر ، لأن ذكره هو الأقرب ولأن الغرض بيان جزائه على سبيل الإجمال ، ثم تفصيل القول بعد ذلك في بيان جزاء المؤمنين.
والسلاسل : جمع سلسلة ، وهي القيود المصنوعة من الحديد والتي يقيد بها المجرمون. وقد قرأ بعض القراء السبعة هذا اللفظ بالتنوين ، وقرأه آخرون بدون تنوين.
والأغلال : جمع غل ـ بضم الغين ـ وهو القيد الذي يقيد به المذنب ويكون في عنقه ، قال ـ تعالى ـ : (إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ ، وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ).
والمعنى : إنا أعتدنا وهيأنا للكافرين سلاسل يقادون بها ، وأغلالا تجمع بها أيديهم إلى أعناقهم على سبيل الإذلال لهم ، وهيأنا لهم ـ فوق ذلك ـ نارا شديدة الاشتعال تحرق بها أجسادهم.
ثم بين ـ سبحانه ـ ما أعده للمؤمنين الصادقين من خير عميم فقال : (إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً).
والأبرار : جمع برّ أو بارّ. وهو الإنسان المطيع لله ـ تعالى ـ طاعة تامة ، والمسارع في فعل الخير ، والشاكر لله ـ تعالى ـ على نعمه.
والكأس : هو الإناء الذي توضع فيه الخمر ، ولا يسمى بهذا الاسم إلا إذا كانت الخمر