(ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ) أى : وهو ـ عزوجل ـ صاحب العرش العظيم ، الذي لا يعرف كنهه إلا هو ـ سبحانه ـ ، وهو (الْمَجِيدُ) أى : العظيم في ذاته وصفاته.
(فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) أى : وهو ـ تعالى ـ الذي يفعل كل شيء يريده. دون أن يعترض عليه أحد ، بل فعله هو النافذ ، وأمره هو السارى والمطاع.
وجاءت كلمة «فعال» بصيغة المبالغة ، للدلالة على أن ما يريده ويفعله ـ مع كثرته ـ هو في غاية النفاذ والسرعة ، كما قال ـ تعالى ـ : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ).
فهذه الصفة من الصفات الجامعة لعظمته الذاتية ، وعظمة نعمه ومننه وعطاياه.
ثم ساق ـ سبحانه ـ بعد ذلك ، ما يدل على شدة بطشه ، ونفاذ أمره فقال : (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ. فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ).
والاستفهام هنا : للتقرير والتهويل. والمراد بالجنود : الجموع الكثيرة التي عتت عن أمر ربها ، فأخذها ـ سبحانه ـ أخذ عزيز مقتدر ، وقوله : (فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ) بدل من الجنود.
والمراد بفرعون وثمود : ملؤهما وقومهما الذين آثروا الغي على الرشد ، والضلالة على الهداية ، والباطل على الحق. أى : لقد بلغك ـ أيها الرسول الكريم ـ حديث فرعون الذي طغى وبغى ، واتبعه قومه في طغيانه وبغيه ، وحديث قوم صالح ـ عليهالسلام ـ وهم الذين كذبوا نبيهم. وآذوه ، وعقروا الناقة التي نهاهم عن أن يمسوها بسوء.
وكيف أنه ـ سبحانه ـ قد دمر الجميع تدميرا شديدا ، جزاء كفرهم وبغيهم.
وخص ـ سبحانه ـ جند فرعون وثمود بالذكر ، لأنهم كانوا أشد من غيرهم بغيا وظلما ، ولأنهم كانت قصصهم معروفة لأهل مكة أكثر من غيرهم.
وقوله ـ سبحانه ـ : (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ. وَاللهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ) إضراب انتقالي ، المقصود منه بيان أن هؤلاء المشركين المعاصرين للنبي صلىاللهعليهوسلم لم يتعظوا بمن سبقهم.
أى : لقد كانت عاقبة جنود فرعون وثمود ، الهلاك والدمار ، بسبب إصرارهم على كفرهم ، ولكن قومك ـ أيها الرسول ـ لم يعتبروا بهم ، بل استمروا في تكذيبهم لك ، وفي إعراضهم عنك .. واعلم أن الله ـ تعالى ـ محيط بهم إحاطة تامة ، ولن يفلتوا من عقابه بأية حيلة من الحيل ، فهم تحت قبضته وسلطانه ، وسينزل بهم بأسه في الوقت الذي يريده.
وقوله ـ تعالى ـ (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ ، فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ) إضراب انتقالي آخر ، من