مصيرهم السّيّئ ، لأن من كان هذا مصيره ، كان جديرا بأن يتحامى ، وأن تجتنب أفعاله التي أدت به إلى هذه العاقبة المهينة.
والاستفهام في قوله : (فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ) للنفي ، والخطاب ـ أيضا ـ لكل من يصلح له ، وقوله (باقِيَةٍ) صفة لموصوف محذوف .. أى : فهل ترى لهم من فرقة أو نفس باقية.
ثم بين ـ سبحانه ـ النهاية السيئة لأقوام آخرين فقال : (وَجاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ. فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رابِيَةً).
وفرعون : هو الذي قال لقومه ـ من بين ما قال ـ أنا ربكم الأعلى ... وقد أرسل الله ـ تعالى ـ إليه نبيه موسى ـ عليهالسلام ـ ولكنه أعرض عن دعوته .. وكانت نهايته الغرق.
والمراد بمن قبله : الأقوام الذين سبقوه في الكفر ، كقوم نوح وإبراهيم ـ عليهماالسلام ـ.
والمراد بالمؤتفكات : قرى قوم لوط ـ عليهالسلام ـ التي اقتلعها جبريل ـ عليهالسلام ـ ثم قلبها بأن جعل عاليها سافلها ، مأخوذ من ائتفك الشيء إذا انقلب رأسا على عقب.
قال ـ تعالى ـ (جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ) (١).
والمراد بالمؤتفكات هنا : سكانها وهم قوم لوط الذين أتوا بفاحشة ما سبقهم إليها أحد من العالمين.
وخصوا بالذكر ، لشهرة جريمتهم وبشاعتها وشناعتها .. ولمرور أهل مكة على قراهم وهم في طريقهم إلى الشام للتجارة ، كما قال ـ تعالى ـ : (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ. وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ) (٢).
أى : وبعد أن أهلكنا أقوام عاد وثمود .. جاء فرعون ، وجاء أقوام آخرون قبله ، وجاء قوم لوط ، وكانوا جميعا كافرين برسلنا ، ومعرضين عن دعوة الحق ومرتكبين للفعلات الخاطئة ، والفواحش المنكرة.
ومن مظاهر ذلك أنهم (فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ) أى : كل أمة من أمم الكفر تلك ، عصت
__________________
(١) سورة هود الآية ٨٢.
(٢) سورة الصافات الآيتان ١٣٧ ـ ١٣٨.