والمراد بحمل الأرض والجبال : إزالتهما من أماكنهما ، وتفريق أجزائهما.
والدك : هو الدق الشديد الذي يترتب عليه التكسير والتفتيت للشيء.
أى : عند ما ينفخ إسرافيل في الصور بأمرنا نفخة واحدة ، وعند ما تزال الأرض والجبال عن أماكنهما ، وتتفتت أجزاؤهما تفتتا شديدا.
فيومئذ (وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) أى : ففي هذا الوقت تقع الواقعة التي لا مرد لوقوعها ، والواقعة من أسماء يوم القيامة. كالحاقة ، والقارعة.
ثم بين ـ سبحانه ـ ما تكون عليه السماء في هذا اليوم فقال : (وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ).
والانشقاق : الانفطار والتصدع. ومعنى : (واهِيَةٌ) ضعيفة متراخية.
يقال : وهي البناء يهي وهيا فهو واه ، إذا كان ضعيفا جدا ، ومتوقعا سقوطه.
أى : وفي هذا الوقت ـ أيضا ـ الذي يتم فيه النفخ في الصور بأمرنا تتصدع السماء وتتفطر ، وتصير في أشد درجات الضعف والاسترخاء ، والتفرق.
وقيد ـ سبحانه ـ هذا الضعف بهذا الوقت ، للإشارة إلى أنه ضعف طارئ ، قد حدث بسبب النفخ في الصور ، أما قبل ذلك فكانت في نهاية الإحكام والقوة.
وهذا كله للتهويل من شأن هذه النفخة ، ومن شأن المقدمات التي تتقدم قيام الساعة ، حتى يستعد الناس لها بالإيمان والعمل الصالح.
والمراد بالملك في قوله ـ تعالى ـ : (وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها) جنس الملك ، فيشمل عدد مبهم من الملائكة .. أو جميع الملائكة إذا أردنا بأل معنى الاستغراق.
والأرجاء : الأطراف والجوانب ، جمع رجا بالقصر ، وألفه منقلبة عن واو ، مثل : قفا وقفوان.
أى : والملائكة في ذلك الوقت يكونون على أرجاء السماء وجوانبها ، ينفذون أمر الله ـ تعالى ـ (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ) أى : والملائكة واقفون على أطراف السماء ، ونواحيها. ويحمل عرش ربك فوق هؤلاء الملائكة في هذا اليوم ، ثمانية منهم ، أو ثمانية من صفوفهم التي لا يعلم عددها إلا الله ـ تعالى ـ.
وعرش الله ـ تعالى ـ مما لا يعلمه البشر إلا بالاسم ، فنحن نؤمن بأن لله ـ عزوجل ـ عرشا ، إلا أننا نفوض معرفة هيئته وكنهه .. إلى الله ـ تعالى ـ.