هي للأزواج. وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر عن عكرمة : (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ) قال : من الصداق. وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عليّ عن ابن عباس : (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً) يقول : إذا كان من غير ضرار ولا خديعة فهو هنيء مريء ، كما قال الله :
(وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً وَارْزُقُوهُمْ فِيها وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً (٥) وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً (٦))
هذا رجوع إلى بقية الأحكام المتعلقة بأموال اليتامى. وقد تقدّم الأمر بدفع أموالهم إليهم في قوله تعالى : (وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ) فبين سبحانه هاهنا أن السفيه وغير البالغ لا يجوز دفع ماله إليه. وقد تقدّم في البقرة : معنى السفيه لغة.
واختلف أهل العلم في هؤلاء السفهاء من هم؟ فقال سعيد بن جبير : هم اليتامى ، لا تؤتوهم أموالكم. قال النحاس : وهذا من أحسن ما قيل في الآية. وقال مالك : هم الأولاد الصغار ، لا تعطوهم أموالكم فيفسدوها ، وتبقوا بلا شيء. وقال مجاهد : هم النساء. قال النحاس وغيره : وهذا القول لا يصح ، إنما تقول العرب : سفائه أو سفيهات. واختلفوا في وجه إضافة الأموال إلى المخاطبين وهي للسفهاء ، فقيل : أضافها إليهم : لأنها بأيديهم وهم الناظرون فيها ، كقوله : (فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ) (١) ، وقوله : (فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) (٢) أي : ليسلم بعضكم على بعض ، وليقتل بعضكم بعضا ؛ وقيل : أضافها إليهم : لأنها من جنس أموالهم ، فإن الأموال جعلت مشتركة بين الخلق في الأصل ؛ وقيل : المراد : أموال المخاطبين حقيقة ، وبه قال أبو موسى الأشعري ، وابن عباس ، والحسن ، وقتادة. والمراد : النهي عن دفعها إلى من لا يحسن تدبيرها ، كالنساء والصبيان ، ومن هو ضعيف الإدراك لا يهتدي إلى وجوه النفع التي تصلح المال ، ولا يتجنب وجوه الضرر التي تهلكه وتذهب به. قوله : (الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً) المفعول الأوّل محذوف ، والتقدير : التي جعلها الله لكم ، و «قيما» : قراءة أهل المدينة وأبي عامر ، وقرأ غيرهم : «قياما» ، وقرأ عبد الله ابن عمر : «قواما» والقيام ، والقوام : ما يقيمك ، يقال : فلان قيام أهله ، وقوام بيته ، وهو الذي يقيم شأنه ، أي : يصلحه ، ولما انكسرت القاف في قوام ؛ أبدلوا الواو ياء. قال الكسائي والفراء : قيما ، وقواما : بمعنى قياما ، وهو منصوب على المصدر ، أي : لا تؤتوا السفهاء أموالكم التي تصلح بها أموركم فتقومون بها قياما ، وقال الأخفش : المعنى : قائمة بأموركم ، فذهب إلى أنها جمع. وقال البصريون : قيما : جمع قيمة ، كديمة وديم ، أي : جعلها الله قيمة للأشياء. وخطأ أبو علي الفارسي هذا القول وقال : هي مصدر ، كقيام وقوام. والمعنى : أنها صلاح للحال وثبات له ، فأما على قول من قال : إن المراد : أموالهم على ما يقتضيه
__________________
(١). النور : ٦١.
(٢). البقرة : ٥٤.