القافية جزء منها ، وفى الحديث : «أصدق كلمة قالها شاعر قول لبيد :
ألا كل شىء ما خلا الله باطل |
|
وكل نعيم لا محالة زائل |
ثم إنه تعالى فسر الكلمة بقوله سبحانه وتعالى : (أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ) ، ووجه كونه تفسيرا لها أن قوله : (أَلَّا نَعْبُدَ) إما بدل من (كَلِمَةٍ) بدل كل من كل ، أو أنه خبر مبتدأ محذوف ، أى هى ألا نعبد ، والجملة استئنافية ، فإنه لما قيل : (تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ) قال قائل : ما هى؟ فقيل : هى (أَلَّا نَعْبُدَ) ، فعلى التقديرين صح كونها مفسرا لما قبلها.
وأما قوله سبحانه : (وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ) ، يعنى : ولا نقول عزير ابن الله ، ولا المسيح ابن الله ، ولا نطيع الأحبار فيما أحدثوه من التحليل والتحريم ؛ لأن كلا منهم بشر مثلنا.
روى أنه لما نزلت : (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ) [التوبة : ٣١] ، قال عدى بن حاتم : ما كنا نعبدهم يا رسول الله ، قال : «أليس كانوا يحلّون لكم ويحرّمون فتأخذون بقولهم؟» ، قال : نعم ، قال : «هو ذاك».
قوله تعالى : (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) ، يعنى : فإن تولوا عن كلمة التوحيد المجمع عليها بين الشرائع والكتب السماوية ، فقولوا لهم : قد لزمتكم الحجة وأصبحتم مغلوبين بها ، إلا أنه دل على هذا الجواب بلازمه ، وهو قوله : (فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) ، أى قولوا اشهدوا واعترفوا بأن من أتى بالكلمة السواء وعمل بمدلولها فهو المسلم ، دون من خالفها وتولى عن العمل بمدلولها.
ويصح أن يكون قوله : (فَقُولُوا اشْهَدُوا) هو الجواب ، ويكون فيه تعريض بكفرهم ، أى اعترفوا يا أهل الكتاب بأنكم كافرون من حيث إنكم أعرضتم عن الحق المتفق عليه بين العقلاء. قال العلماء : والمعنى : فإن تولوا وأعرضوا عن الإجابة لما دعوتهم إليه ، فليس إعراضهم ذلك لأجل مساعدة الحجة إياهم ، فقل لهم : قد أسفر الصبح وتبين لذى عينين ، فاعترفوا بأنا مسلمون منقادون للحق دونكم ، ونظيره قول الغالب فى جهاد ، أو صراع ، أو نحوهما : اعترف بأنى أنا الغالب ، وسلم إلى الغلبة. أ. ه.
قال الخطيب الشربينى فى تفسيره : قال البيضاوى : تنبيه : انظر إلى ما راعى الله سبحانه فى هذه القصة من المبالغة ، والإرشاد ، وحسن التدريج فى الحجاج ، فبين أولا أحوال عيسى وما تعاور عليه من الأطوار المنافية للإلهية ، ثم ذكر ما يحل عقدتهم ويزيل