لما ذا نقول بانتصار الإسلام : إن كثيرين يروننا نسرف فى التفاؤل عند ما نتحدث عن قرب انتصار الإسلام وغلبته على سائر الأديان ، ومن يحسنون الظن بنا يتصورون أن ما نقوله هو من قبيل الأمانى ، حيث نقرر ما نقرر باعتباره حقا مؤكدا ، ودليلنا الواقع والتجربة.
فقد جاء وقت لا يعرفه شباب الوقت الحاضر ، أو حتى رجاله ، كان التبشير بالمسيحية على أشده ، وكان يقف خلف المبشرين الإمبراطورية الإنجليزية بكل جلالها ، بل أوروبا كلها بكل نجاح حققته فى القرن التاسع عشر ، وكان رجل التبشير خريج أعظم جامعات أوروبا ، وكل ما كان ينجح فيه هو زعزعة العقيدة الدينية من أساسها ، ولكنه لا يكاد يتحدث عن المسيحية ، وعن كون المسيح إلها ، حتى يرد عليه أبسط مسلم : اسم الله عليك يا خواجة ، سيدنا عيسى ده رسول الله وليس هو الله!!
وهكذا يتحول أبسط مسلم إلى معلم لخريج أكبر جامعات أوروبا ، وهذا هو سر عظمة الإسلام.
فليقل المسيحيون عن معجزات سيدنا عيسى ما يقولون ، إن المسلم لا ينكر شيئا من ذلك ، فالمسيح هو رسول الله ، وقد زوّده الله بالقدرة على فعل ما فعل.
وليتكلم اليهود عن موسى بأعظم ما يتكلمون ، فالمسلم يقول مثل قولهم ، ومن هنا عاش المسيحيون واليهود فى ظل الدولة الإسلامية ، بل وازدهروا ، حيث لا يستطيع المسلمون أن يعيشوا فى ظل دولة غير إسلامية إلا إذا تناسى المجتمع شأن الدين ، كما هو الحال فى أوروبا وأمريكا ، ولما كان ذلك يستحيل أن يدوم ، إذ يستحيل قيام المجتمعات على غير دين.
ومن هنا قلنا : إن المستقبل للإسلام ؛ لأنه يعترف بالأديان السماوية الأخرى ، ولا تعترف هى به ، فهو الأقوى والأصلح ، وبالتالى هو الأبقى ، (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ) [الرعد : ١٧].
فنحن لا نتكلم لغة التفاؤل فضلا عن لغة التمنى ، وإنما نتحدث العلم ، وفوق ذلك نتحدث بما وعد به الله عزوجل.
(أُولئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ) [النساء : ١٥٢] : وإعطاء الله الأجر للمحسنين فى الآخرة ، أى يوم القيامة ، مسألة مؤكدة ومحققة ، وهى محور الإيمان ، ولكن الله سبحانه