ولا حرف واحد ، فإن قدرتم وقلتم فظن و (إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) [يونس : ٣٦] ، بل (إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) [الحجرات : ١٢] ، بل يكون افتراء وكذبا على الله ، (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ) [الصف : ٧].
فيها أيها المسلمون (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ) [الزمر : ٢٣] ، وقص عليكم أحسن القصص فى كتابه ، فلا تعدلوا عنه وتتبعوا هؤلاء ، فإنهم قد هوكوا وتهوكوا (١) ، يا قوم «كفى بقوم ضلالة أن يتبعوا كتابا غير كتاب ربهم الذى أنزل على نبيهم» ، كذا فى الحديث ، يا قوم حذار حذار من الإعراض عن كتاب الله ، فإن الله يقول : (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى) [طه : ١٢٤] ، ويقول : (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) (٢) [الزخرف : ٣٦] ، ويقول لنبيه : (وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً خالِدِينَ فِيهِ وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلاً) [طه : ٩٩ ـ ١٠١] ، ويقول : (وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً) (٣) [الجن : ١٧].
يا قوم ، إنى أقول والحق أقول : إنه لا يرغب عن كتاب ربه إلى مخترعات الشيوخ إلا من سفه نفسه ، وضل سعيه ، وزين له الشيطان عمله ، فصده عن السبيل ، فحزبوا وجزءوا القرآن ، وقسموه على أيامكم ولياليكم ، وحلوا وارتحلوا فيه من أوله إلى آخره ، واجعلوا المصحف فى جيوبكم دائما وأبدا ، بدل المجموع ، ولكن أكبر ما تمعنون فيه النظر بعد القرآن أحاديث الرسول ، والتعبد بالأدعية والأذكار المروية عنه فى الكتب التى ذكرناها لكم ، وهذا فيه الغنية التامة ، والكفاية العظمى عن جميع ما تقرءونه من الأوراد ، والأحزاب ، والدلائل ، والتوسلات التى لم يتعبد بحرف واحد منها أحد من الصحابة ، ولا التابعين ، ولا أئمة الدين ، أسأل الله لى ولكم الهداية والاعتصام بكتابه وسنة نبيه ، آمين.
__________________
(١) التهوك : كالتهور وهو الوقوع فى الأمر بغير روية ، وقيل : هو التحير. اه. نهاية.
(٢) قرين : أى صاحب ملازم له.
(٣) صعدا : أى متزايدا؟.