ومن الآراء الفقهية التي انفرد بها الأزارقة :
أنهم ينكرون حد الرجم على الزاني المحصن ، وحجتهم في ذلك أن القرآن لم ينص على ذلك ، فيهملون بذلك السنة الصحيحة في رجم الزاني المحصن.
كما يرون أن حد القذف لا يثبت إلا لمن يقذف محصنة بالزنى ، ولا يثبت على من يقذف المحصنين من الرجال ؛ لأنهم أخذوا بظاهر النص (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) [النور : ٤] فلم يذكر حد قذف المحصنين من الرجال (١).
ثالثا : النجدات :
وهم أتباع نجدة بن عامر الحنفي ، والسبب في ظهور هذه الفرقة أن بعض الخوارج الأزارقة قد نقموا من رئيسهم نافع بن الأزرق براءته من القعدة عنه بعد أن كانوا على رأيه وإكفاره إياهم ، وأنه استحل قتل أطفال مخالفيه ونسائهم ؛ ففارق نافعا جماعة من أتباعه منهم أبو فديك وعطية الحنفي ، وراشد الطويل وغيرهم ، وذهبوا إلى اليمامة ، وبايعوا بها نجدة بن عامر وأكفروا من قال بإكفار القعدة منهم عن الهجرة إليهم ، كما أكفروا من قال بإمامة نافع (٢).
ومن المسائل التي خالف فيها النجدات الأزارقة استحلالهم دماء أهل الذمة ، وأما الأزارقة فذهبوا إلى تحريم دمائهم احتراما لذمتهم التي دخلوا بها في أمان أهل الإسلام (٣).
وقال النجدات بعدم وجوب نصب الإمام ، من ناحية الشرع ، وأن إقامة إمام واجبة وجوبا مصلحيّا ، فإذا أقام المسلمون حدود الدين والتزموا أحكام الشريعة وتناصفوا فيما بينهم ، فليس ثمة حاجة إلى وجود خليفة أو إمام.
وقد ابتدع النجدات مبدأ جديدا لم يكن معروفا عند الخوارج آنذاك ، وهو مبدأ التقية ومعناه : «أن يظهر الخارجي أنه جماعي ؛ حقنا لدمه ، ومنعا للاعتداء عليه ، ويخفي عقيدته حتى يحين الوقت المناسب لإظهارها» (٤).
__________________
(١) محمد أبو زهرة ، تاريخ المذاهب الإسلامية (ص ٧٢) ، وانظر الخطط المقريزية (٢ / ٣٥٤).
(٢) عبد القاهر البغدادي ، الفرق بين الفرق (ص ١٠٥).
(٣) انظر : خطط المقريزي (٢ / ٣٥٤) ، تاريخ المذاهب الإسلامية (ص ٧٣).
(٤) أبو زهرة ، تاريخ المذاهب الإسلامية (ص ٧٣).