وقد تولى نجدة أصحاب الحدود ممن هم على مثل رأيه ، وقال : لعل الله يعذبهم بذنوبهم في غير نار جهنم ثم يدخلهم الجنة ، وزعم أن النار يدخلها من خالفه في دينه (١).
وزعم النجدات كذلك أن من نظر نظرة صغيرة أو كذب كذبة صغيرة ثم أصر عليها فهو مشرك ، وأن من زنى وسرق وشرب الخمر غير مصر فهو مسلم (٢).
فمناط الشرك في ارتكاب المعصية صغيرة كانت أو كبيرة إنما هو الإصرار عليها ، فمن أصر على صغيرة فهو مشرك ، ومن لم يصر على كبيرة فهو مسلم ، وإن شاب إسلامه شيء من نقص ، يلحقه بأهل المعصية.
ومن بدع نجدة وضلالاته أنه أسقط حد الخمر (٣).
وجماع مذهب النجدات أن الدين أمران :
أحدهما : معرفة الله تعالى ومعرفة رسوله ، وتحريم دماء المسلمين وأموالهم.
والثاني : الإقرار بما جاء من عند الله جملة.
وما سوى ذلك من التحريم والتحليل وسائر الشرائع ، فإن الناس يعذرون بجهلها ، وأنه لا يأثم المجتهد إذا أخطأ (٤).
ولم يلبث النجدات أن ثاروا على رئيسهم نجدة وخرجوا عليه لأمور نقموها منه (٥) ، وقد تشعبوا لهذا إلى ثلاث فرق :
١ ـ فرقة صارت مع عطية بن الأسود الحنفي إلى سجستان ، وتبعهم خوارج سجستان ؛ ولهذا قيل لخوارج سجستان في ذلك الوقت : عطوية.
٢ ـ وفرقة صارت مع أبي فديك حربا على نجدة ، وهم الذين قتلوا نجدة.
٣ ـ وفرقة عذروا نجدة في أحداثه وأقاموا على إمامته (٦).
رابعا : الصفرية :
تنسب هذه الفرقة من الخوارج إلى زياد بن الأصفر ، وقد اختلف الخوارج الصفرية في
__________________
(١) الفرق بين الفرق (ص ١٠٧) ، وانظر أيضا : مقالات الإسلاميين (١ / ١٧٥).
(٢) مقالات الإسلاميين (١ / ١٧٥).
(٣) الفرق بين الفرق (ص ١٠٧).
(٤) خطط المقريزي (٢ / ٣٥٤).
(٥) انظر في ذلك : الفرق بين الفرق (ص ١٠٢) ، ومقالات الإسلاميين (١ / ١٧٥ ، ١٧٦).
(٦) الفرق بين الفرق (ص ١٠٦).