ويقول الإمام محمد أبو زهرة في شأن هذه الفرقة : «ومن أخبار الذين تولوا أمر هذه الطائفة من الخوارج نتبين أنها لا ترى إباحة دماء المسلمين ، ولا ترى أن دار المخالفين دار حرب ، ولا ترى جواز سبي النساء والذرية ، بل لا ترى قتال أحد غير معسكر السلطان» (١).
خامسا : الإباضية :
وإمام هذه الفرقة عبد الله بن إباض ، به تعرف وإليه تنسب ، وقد افترقت إلى فرق أربعة ، بيد أن ثمة مبادئ مشتركة تجمع بينها وتسوغ للباحث ردها إلى أصل واحد أو فرقة واحدة ، ومنها :
القول بأن مخالفيهم ليسوا مؤمنين ولا مشركين ، ولكنهم كفار ، وكفرهم كفر نعمة لا كفر اعتقاد ؛ وذلك لأنهم لم يكفروا بالله ، ولكنهم قصروا في جنب الله تعالى (٢).
وصحح الإباضية مناكحة مخالفيهم والتوارث بينهم ، وأجازوا شهادتهم.
وذهب الإباضية إلى أن دماء مخالفيهم حرام ، وإن أسروا ذلك في أنفسهم ولم يعلنوه.
واستحل الإباضية من غنائم المسلمين الخيل والسلاح ، وسواهما من أدوات الحرب وأسباب القوة ، دون الذهب والفضة فإنهم يردونها على أصحابهما عند الغنيمة (٣).
ويقول الإمام محمد أبو زهرة عن الإباضية : «وهم أكثر الخوارج اعتدالا ، وأقربهم إلى الجماعة الإسلامية تفكيرا ، فهم أبعدهم عن الشطط والغلو ؛ ولذلك بقوا ، ولهم فقه جيد ، وفيهم علماء ممتازون ، ويقيم طوائف منهم في بعض واحات الصحراء الغربية ، وبعض آخر في بلاد الزنجبار ، ولهم آراء فقهية ، وقد اقتبست القوانين المصرية في المواريث بعض آرائهم ، وذلك في الميراث بولاء العتاقة ، فإن القانون المصري أخره عن كل الورثة حتى عن الرد على أحد الزوجين ، مع أن المذاهب الأربعة كلها تجعله عقب العصبة النسبية ويسبق الرد على أصحاب الفروض الأقارب» (٤).
ثانيا : الشيعة
نشأ المذهب الشيعي ـ كما ألمحنا إلى ذلك آنفا ـ كنتيجة مباشرة لإشكالية الإمامة التي
__________________
(١) تاريخ المذاهب الإسلامية (ص ٧٤).
(٢) السابق (ص ٧٦).
(٣) الفرق بين الفرق (ص ١٢٠).
(٤) تاريخ المذاهب الإسلامية (ص ٧٦).