يتعارض مع التوحيد ، فلا غرو أن أولو هذه الصفات ، فاليد لديهم تعني القدرة ، والعين تدل على الرحمة ، والوجه يعني الذات.
والحق أن السلف آمنوا بهذه الصفات دون تأويل ، وما أدق عبارة الإمام مالك بن أنس في الإنباء عن منهج السلف في فهم الصفات حين سئل عن الاستواء فقال : «الاستواء معلوم ، والكيف مجهول ، والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة».
القول بخلق القرآن :
ذهب المعتزلة إلى نفي صفة القدم عن القرآن الكريم ، وزعموا أن القرآن مخلوق ؛ لأن القول بقدمه يقود إلى تعدد القدماء ، وهو ما يتنافي مع مفهومهم للتوحيد.
وقد حاول المعتزلة إجبار غيرهم من المسلمين على الأخذ برأيهم ، غير أن بعض العلماء من أصحاب الاتجاه السلفي رفضوا هذا الرأي ، وكان على رأسهم الإمام أحمد بن حنبل الذي ذهب إلى أن القرآن كلام الله غير مخلوق ، وأن البحث في هذه المسألة مبتدع لم يثبت عن السلف ، ومن ثم لا ينبغي الخوض في هذه الأمور بل ينبغي الوقوف عند رأي السلف.
إنكار رؤية الله :
يقول أبو الحسن الأشعري : «أجمعت المعتزلة على أن الله سبحانه وتعالى لا يرى بالأبصار ، واختلفت : هل يرى بالقلوب؟ فقال أبو الهذيل وأكثر المعتزلة : نرى الله بقلوبنا بمعنى أنا نعلمه بقلوبنا ، وأنكر هشام الفوطي وعباد بن سليمان هذا وذلك» (١).
إن القول برؤية الله عند المعتزلة ينطوي على إلحاق الجسمية به سبحانه ؛ إذ يجري عليه عند ذلك ما يجري على المرئيات الجسمية ، والجسمية تتنافى مع التوحيد. وقد لجأ المعتزلة لإنكار رؤية الله إلى تأويل الآيات التي تثبت هذه الرؤية ، كقوله تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) [القيامة : ٢٢ ، ٢٣].
كما طعنوا في صحة الأحاديث التي تثبت هذه الرؤية ؛ كقوله صلىاللهعليهوسلم : «إنكم سترون ربكم عيانا كما ترون القمر لا تضامون في رؤيته» (٢) رواه البخاري ومسلم.
٢ ـ العدل :
هذا هو الأصل الثاني من الأصول الخمسة التي اتسم بها المعتزلة ، ويتخذ أهمية عظيمة
__________________
(١) مقالات الإسلاميين (١ / ٢٣٨).
(٢) أخرجه البخاري (٨ / ٤٦٢ ـ ٤٦٣) كتاب التفسير باب «وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب» (٤٨٥١) ومسلم (١ / ٤٣٩ ـ ٤٤٠) كتاب المساجد باب فضل صلاة الصبح والعصر (٢١١ / ٦٣٣) عن جرير بن عبد الله.