لديهم ، ويمثل مع التوحيد الأصلين اللذين بهما عرف المعتزلة ونسبوا إليهما حتى قيل : «أهل العدل والتوحيد».
والعدل صفة من صفات الحق تبارك وتعالى واسم من أسمائه الحسنى ، غير أن المعتزلة نظروا إلى «العدل» نظرة مغايرة لما عليه جمهور المسلمين ، وفلسفوه فلسفة خاصة أثمرت عددا من المسائل العقدية نوجزها فيما يلي :
وجوب الصلاح والأصلح على الله تعالى :
ويعني ذلك أنه إذا كان ثمة أمران أحدهما صلاح والآخر فساد ، وجب على الله تعالى فعل الصلاح منهما ، وإذا كان أمران أحدهما صلاح والآخر أصلح وجب على الله تعالى فعل الأصلح.
«وقد وجه إلى رأي المعتزلة كثير من الاعتراضات وهي في جملتها وتفصيلها قائمة على أساس أن في إيجاب الصلاح والأصلح تقييدا لإرادة الله ؛ ولذلك أخطأ المعتزلة في القول بإيجاب الصلاح والأصلح على الله ، وتطاولوا على مقام الألوهية ، وأساءوا الأدب مع الله كما وصفهم الماتريدي بذلك» (١).
الإنسان مريد لأفعاله :
إن مسألة الجبر والاختيار مسألة هامة من مسائل علم الكلام الإسلامي ، وركن أصيل من أركان الفكر الاعتزالي ؛ وتدور هذه المسألة حول العلاقة بين قدرة الله تعالى وأعمال العباد ، من حيث إن هذه الأعمال مخلوقة لله تعالى أو مخلوقة للعبد (٢).
فقد فرق المعتزلة بين نوعين من أفعال العباد أحدهما ضروري اضطراري ، والثاني : اختياري ، وحكموا بأن أفعال النوع الأول ليس للإنسان فيها اختيار.
أما أفعال النوع الثاني فالإنسان فيها فاعل مختار ، «ومن ثم قالوا : إن الأفعال الاضطرارية مخلوقة لله تعالى ، ولا دخل لقدرة العبد فيها ، وأما الأفعال الاختيارية فقد ذهبوا فيها إلى أنها واقعة بقدرة العبد وحدها على سبيل الاستقلال ، وهذه القدرة أوجدها الله تعالى في العبد باختياره» (٣).
وقد رأى المعتزلة في قولهم بحرية الإنسان في أفعاله انسجاما مع العدل الإلهي ؛ إذ مما
__________________
(١) د / عبد المقصود عبد الغني ، دراسات في علم الكلام (ص ٩١).
(٢) نصيب المعتزلة في تطور علم الكلام (ص ٩٤).
(٣) السابق (ص ٩٥).