أعدى الأول» (١).
على هذا النحو أثبت الأشعري أن القرآن الكريم والسنة الشريفة لم يهملا النظر العقلي ولا حرما أدلته ، بل حثا على الأخذ بهما في إلزام الخصوم ودحض شبههم ، وحسبك دليلا أن القرآن نفسه قد تضمن شيئا غير قليل من هذه الأدلة.
ويقول أحد الباحثين :
«وقد اضطر الأشعري للنظر العقلي للأسباب الآتية :
١ ـ أنه تخرج على المعتزلة وتربى على موائدهم الفكرية ، فنال من مشربهم وأخذ من منهلهم ، واختار طريقهم في إثبات العقائد ، وإن خالفهم في النتائج.
٢ ـ أنه تصدى للرد عليهم فلا بد أن يتبع طريقتهم.
٣ ـ أنه تصدى للرد على الفلاسفة والقرامطة والحشوية والروافض وغيرهم من أهل الأهواء الفاسدة والنحل الباطلة ، وكثير من هؤلاء لا يقنعه إلا أقيسة البرهان ، ومنهم فلاسفة علماء لا يقطعهم إلا دليل العقل ، ولا يرد كيدهم في نحورهم أثر أو نقل.
ومن رد الأشعري على المعتزلة وعلى الحنابلة نرى أن الدفاع عن المنهج الأشعري هو نقطة البداية لعلم الكلام السني من غير أن يتطرف في التأويلات العقلية كالمعتزلة ، أو
__________________
(١) من طرق من حديث أبي هريرة.
أخرجه البخاري (١١ / ٣٢٢) كتاب الطب باب لا صفر وهو داء يأخذ البطن (٥٧١٧) ، ومسلم (٤ / ١٧٤٢) كتاب السلام باب لا عدوى ولا طيرة (١٠١ / ٢٢٢٠) ، وأحمد (٢ / ٢٦٧ ، ٤٠٦ ، ٤٣٤) ، وأبو داود (٢ / ٤١٠) كتاب الطب باب في الطيرة (٣٩١١) ، وابن ماجه (٥ / ١٨٠ ـ ١٨١) كتاب الطب باب من كان يعجبه الفأل (٣٥٤١) ، والنسائي في الكبرى (٤ / ٣٧٦) كتاب الطب باب الصفر وهو داء يأخذ البطن ، وابن حبان (٦١١٥) والبيهقي (٧ / ٢١٦ ، ٢١٧) كلهم من طرق عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لا عدوى ولا صفر ولا هامة» فقال أعرابي : يا رسول الله فما بال إبلي تكون في الرّمل كأنها الظباء فيأتي البعير الأجرب فيدخل بينها فيجربها؟ فقال : «فمن أعدى الأول؟»
وأخرجه البخاري (١١ / ٤١٠) كتاب الطب باب لا عدوى (٥٧٧٥) ومسلم (٤ / ١٧٤٣) كتاب السلام باب لا عدوى ولا طيرة (١٠٣ / ٢٢٢٠) من طريق سنان بن أبي سنان عن أبي هريرة قال إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لا عدوى» فقام أعرابي فقال أرأيت الإبل تكون في الرمال أمثال الظباء فيأتيها البعير الأجرب فتجرب قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «فمن أعدى الأول».
وأخرجه الحميدي (١١١٧) وأحمد (٢ / ٣٢٧) من طريق أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا يعدي شيء شيئا. لا يعدي شيء شيئا.» ثلاثا. قال : فقام أعرابي فقال : يا رسول الله إن النّقبة تكون بمشفر البعير أو بعجبه فتشمل الإبل جربا. قال : فسكت ساعة فقال : «ما أعدى الأول؟ لا عدوى ولا صفر ولا هامة خلق الله كل نفس فكتب حياتها وموتها ومصيباتها ورزقها».