المسألة الثالثة
الإرادة وهل تستلزم الرضا والمحبة أم لا
الإرادة : في اللغة والاصطلاح :
في اللغة :
الإرادة : هي القصد ، والمشيئة ، يقال : أراد كذا ، أو شاء كذا ، أي : قصده (١).
وفي الاصطلاح :
هي صفة ثبوتية قديمة قائمة بذاته تعالى وزائدة عليها ، تخصص الممكن ببعض ما يجوز عليه من الأمور المتقابلة (٢).
وقد اختلف السادة الماتريدية والأشاعرة في هذه المسألة بعد اتفاقهم على أن الله تعالى مريد ، وأن ما يقع في الكون من خير وشر فهو مراد له تعالى ـ في أنه : هل هناك تلازم بين الإرادة والرضا بالمراد أم لا؟
فالماتريدية :
يثبتون إرادة الله تعالى الشاملة لأفعال العباد ؛ لأن أفعال العباد من خلقه تعالى ، والقول بعدم إرادة الله الشاملة معناه عدم قدرة الله على أفعالهم ، فالقول بالقدرة المطلقة والإرادة المطلقة والعلم المطلق لازم لتمام صفات الألوهية.
غير أن الماتريدية يقولون : إنه لا محبة في صفة الإرادة ، وأن هذه الإرادة لا تستلزم الرضا والمحبة ؛ إذ الكفر غير مرض ، وهو مراد لله تعالى ، وأن الإرادة والمشيئة لفظان مترادفان ، كما أن إرادة الله صفة أزلية ليست حادثة ، وهي متعلقة بجميع الممكنات تعلق تخصيص ، ويترتب على ذلك نفي التلازم بين الإرادة والرضا والمحبة ؛ لأن الماتريدية يرون أن معنى الرضا ترك الاعتراض على الشيء لا إرادة وقوعه ، ومعنى المحبة استحماده تعالى له ، والإرادة عامة. وبذلك يكون بين الإرادة والرضا والمحبة عموم وخصوص وجهي (٣).
__________________
(١) لسان العرب مادة (ريد)
(٢) شرح المقاصد (٢ / ٦٩) ، المحصل (ص ١٢١) ، شرح الجوهرة (ص ٧٨) ، أبكار الأفكار (ص ٢٢٨).
(٣) انظر : التمهيد لقواعد التوحيد (٢٠) وتحقيق الروضة البهية فيما بين الأشاعرة والماتريدية (ص ١٢٤).