باعتبار تعلقها بالمخلوق ، كما أن الترزيق هو القدرة باعتبار تعلقها بإيصال الرزق (١).
والمتأمل للمسألة يرى أن الخلاف بين الفريقين راجع إلى المعنى لا إلى اللفظ ، فعند الماتريدية مبدأ الإيجاد عندهم هو صفة التكوين ، وعند الأشاعرة التكوين لا يعد صفة حقيقية لله تعالى زائدة على القدرة والإرادة ، بل هو معنى يعقل من إضافة المؤثر إلى الأثر (٢).
المسألة الرابعة : كلام الله تعالى
إن هذه المسألة من المسائل المهمة في علم الكلام بصفة عامة ، ولقد اشتدت أهميتها بعد الجدل الذي دار حول مسألة قدم القرآن وحدوثه ، والمحن التي تعرض لها علماء كثيرون بسبب ذلك ، وقبل عرض رأي كل من السادة الماتريدية والأشاعرة في هذه المسألة نبين أن ثمة قياسين يعارض كل منهما الآخر :
فالأول : هو أن كلام الله ـ تعالى ـ صفة له ، وكل ما هو صفة له فهو قديم ، وبذلك يكون كلامه تعالى قديما.
وأما الثاني : فهو أن كلام الله تعالى مؤلف من أجزاء مترتبة متعاقبة في الوجود ، وكل ما من شأنه ذلك فهو حادث ، ويكون بذلك كلام الله تعالى حادثا.
ولقد اختلف المسلمون وافترقوا بين من قال بصحة القياس الأول ، وبين من قال بصحة القياس الثاني ، حيث نجد أن أهل السنة والحنابلة يقولون بصحة القياس الأول ، بينما يقول المعتزلة ومعهم الكرامية بصحة القياس الثاني.
أما فيما يخص السادة الماتريدية والأشعرية في هذه المسألة فعلى النحو التالي :
الماتريدية
لقد ذهب الماتريدية إلى أن الكلام صفة لله تعالى ؛ لأنه ـ سبحانه وتعالى ـ متكلم بكلام واحد ، وهو صفته الأزلية القائمة بذاته ، وهي صفة منافية للسكوت والآفة ، والله سبحانه وتعالى بهذه الصفة آمر ، ناه ، مخبر.
ويرى السادة الماتريدية كذلك أن حقيقة الكلام لا تسمع في الشاهد ، وإنما تكون على الموافقة والمجاز ، كما يقول المرء : سمعت كلام فلان وقول فلان ، ويكون ذلك على
__________________
(١) انظر : معالم أصول الدين للرازي (ص ٥٩) وما بعدها.
(٢) انظر : الروضة البهية (ص ١٩٤ ، ١٩٥).