أما الأشاعرة فيذهبون إلى أن موسى ـ عليهالسلام ـ سمع كلام الله القديم بلا حرف ولا صوت (١).
المسألة الخامسة : معرفة الله تعالى
لقد اتفق علماء الكلام على أن النظر هو طريق المعرفة ، لكن الاختلاف بينهم في طريق ثبوت هذه المعرفة ، وهل هو واجب بالشرع أم بالعقل.
فالماتريدية :
يذهبون إلى أن معرفة الله ـ تعالى ـ واجبة بالشرع ، لكنهم يرون أن العقل آلة لوجوب المعرفة ، والله ـ عزوجل ـ هو الموجب.
ويرى الماتريدية ـ أيضا ـ أن العقل ليس موجبا بذاته ولكنه سبب لوجوب.
يقول الماتريدي : «يجب على الصبي العاقل معرفة الله تعالى ، فالحق ـ سبحانه وتعالى ـ قد فطر الناس على فطرة يعرفون وحدانيته وربوبيته بعقول مركبة فيهم».
وبذلك يذهب الماتريدي إلى أن العقل هو أساس المعرفة ويعاونه السمع في ذلك ، وقد يسر الله سبحانه السبيل إلى الوصول إلى الدين ، ومعرفة الله تعالى إنما هي عن طريق العقل والسمع ، والعقل هو المختص بمعرفة الله تعالى ، والسمع مختص بمعرفة الشرائع والعبادات.
ويقول أبو منصور الماتريدي في موضع آخر :
«إن حقيقة الحجة إنما هي في العبادات والشرائع التي سبيل معرفتها الرسل ، أما معرفة الله ـ تعالى ـ فإن سبيل لزومها العقل ، فلا يكون لهم في ذلك على الله حجة ؛ لأن الله خلق في كل واحد من الدلائل ما لو تأمل وتفكر فيها لدلته على وجود الله ووحدانيته وربوبيته ، والله قد بعث الرسل ليقطع عليهم الاحتجاج».
ولا عذر عند الماتريدية في معرفة الله تعالى عند من له عقل ؛ لأن من يملك العقل يستطيع معرفة الله عن طريق التفكر في خلق الكون وما فيه.
أما الأشاعرة :
فيرون أن معرفة الله ـ عزوجل ـ واجبة على الإنسان المكلف ، والشرع هو طريق وجوب هذه المعرفة ، وهو كتاب الله تعالى وسنة نبيه الكريم.
__________________
(١) انظر : الاقتصاد في الاعتقاد للغزالي (ص ٣٥٩) ، وانظر كذلك : الروضة البهية (١٦٨) وما بعدها.