الفصل الأول
نشأة التفسير وتطوره
تمهيد :
يجدر بنا قبل الخوض في بيان نشأة التفسير وتطوره بيان معناه ، والفرق بينه وبين اصطلاحات قريبة المعنى منه ؛ ذلك أن فكرة التفسير والتأويل وما في معناهما كلفظ «المعنى» شغلت كثيرا من العلماء القدامى والمحدثين على السواء ، فمثلا يقول ابن فارس : «معاني العبارات التي يعبر بها عن الأشياء ترجع إلى ثلاثة : المعنى والتفسير والتأويل ، وهي وإن اختلفت فالمقاصد متقاربة» (١).
ونقل صاحب اللسان عن ابن الأعرابي وأحمد بن يحيى أن «المعنى والتفسير والتأويل واحد» (٢).
وسنتناول هذه الاصطلاحات الثلاثة في عجالة في الصفحات الآتية :
أولا : التفسير :
التفسير لغة :
مصدر فسّر ـ بتشديد السين ـ مأخوذ من الفسر ، والمحور الذي تدور عليه هذه المادة هو الكشف مطلقا ، سواء أكان هذا الكشف لغموض لفظ أم لغير ذلك ؛ يقال : فسرت اللفظ فسرا من باب ضرب ونصر (٣).
ويستعمل التفسير لغة في الكشف الحسي ، وفي الكشف عن المعاني المعقولة ، واستعماله في الثاني أكثر من استعماله في الأول (٤).
ومن المعنى اللغوي يمكن القول : إن التفسير بوصفه علما يقصد منه كشف المغلق من المراد باللفظ ، فالمفسر يكشف عن شأن الآية وقصصها ومعناها والسبب الذي أنزلت فيه (٥).
__________________
(١) الصاحبي في فقه اللغة (طبع المكتبة السلفية ، ١٣٢٨ ه) ص ١٦٢.
(٢) لسان العرب لابن منظور (طبعة دار المعارف ، القاهرة) مادة : «عني» و «فسر» و «أول» (٤ / ٣١٤٧) ، (٥ / ٣٤٢١) ، (١ / ١٧٢).
(٣) ينظر : القاموس المحيط ، مادة «فسر» ، ود. الذهبي : التفسير والمفسرون ص ١٥.
(٤) ينظر : التفسير والمفسرون ، الصفحة نفسها.
(٥) ينظر : د. محمد إبراهيم شريف : بحوث في تفسير القرآن الكريم (الطبعة الثانية ١٤١٠ ه ـ ١٩٨٩ م) ص ١٤.