الاعتماد في المنقول ، وعلى النظر في المستنبط ؛ تجويزا له وازديادا» (١).
وأوضح من هذا ما قاله صاحب جمع الجوامع وشرحه : «التأويل : حمل الظاهر على المحتمل المرجوح ، فإن حمل عليه لدليل فصحيح ، أو لما يظن دليلا في الواقع ففاسد ، أو لا لشيء فلعب لا تأويل» (٢).
ثالثا : المعنى :
المعنى لغة واصطلاحا :
يراد بالمعنى لغة : القصد والمراد ، جاء في اللسان : «عنيت بالقول كذا : أردت ، ومعنى كل كلام ومعناته ومعنيته : مقصده ، ويقال : عرفت ذلك في معنى كلامه ومعناة كلامه وفي معنى كلامه» (٣).
وله علاقة بالإظهار والوضوح ، كما تقول : عنت القربة : إذا لم تحفظ ماءها بل أظهرته ، ومنه عنوان الكتاب ، أي : الجزء الظاهر منه والمنبئ عما بداخله (٤).
وتجدر الإشارة إلى أن هناك لفظا رابعا له اتصال ما بألفاظ التفسير والتأويل والمعنى ، وهو لفظ البيان ، ويعني : إظهار المتكلم المراد للسامع ، وهو أعم من الألفاظ الثلاثة جميعا ؛ لشموله كلّا من بيان التغيير وبيان التقرير ، وبيان الضرورة ، وبيان التبديل (٥).
الفرق بين التفسير والتأويل :
يمكن القول : إن حاصل ما تضمنته عبارات العلماء العديدة في هذا المقام لا يخرج عن اتجاهين :
الاتجاه الأول : أن التفسير والتأويل ترجمة عن معنى واحد ، بحيث إذا قلنا أحدهما على شيء قلنا الآخر عليه بلا أدنى فرق ، وإلى هذا ذهب أبو عبيد والطبري وطائفة (٦).
والاتجاه الثاني : أن التفسير والتأويل يختلف مدلول أحدهما عن الآخر اصطلاحا كما اختلفا لغة ، وقد حمل لواء هذا الاتجاه النيسابوري والزركشي والراغب الأصفهاني وغيرهم ... وقد تشددوا في التفريق بين اللفظين أيما تشدد ، حتى قال النيسابوري
__________________
(١) البرهان في علوم القرآن (٢ / ١٧١ ، ١٧٢).
(٢) د. الذهبي : التفسير والمفسرون (١ / ٢٠) نقلا عن جمع الجوامع (٢ / ٥٦).
(٣) اللسان ، مادة (عنى).
(٤) ينظر : السابق ، المادة نفسها.
(٥) ينظر : الجرجاني : التعريفات ، مادة (أول).
(٦) ينظر : السيوطي : الإتقان في علوم القرآن (٢ / ١٧٣).