وسماتها والمفسرين الذين يمثلونها وينتمون إليها.
أولا : المدرسة المكية :
واضع بذور هذه المدرسة ومؤسسها الأول الصحابي الجليل عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ترجمان القرآن وحبر الأمة ، فقد جلس لتلاميذه يفسر لهم ما غمض من القرآن ويوضح لهم ما أشكل عليهم من معانيه ، وكان جلوسه لهم بمكة ، وقد اجتمع حوله كثير من التلاميذ الذين وعوا ما يقوله ورووه لمن جاء بعدهم ، وقد اشتهر من هؤلاء التلاميذ : سعيد بن جبير ، ومجاهد ، وعكرمة ، وطاوس بن كيسان اليماني ، وعطاء بن أبي رباح.
ولكي نعرف بالمدرسة المكية لا بد لنا من دراسة خصائصها وسماتها في التفسير ، ثم بيان دور تلاميذها وما قاموا به في التفسير مع ترجمة موجزة لكل واحد منهم ، فنقول (١) :
تتسم المدرسة المكية في التفسير بعدة سمات ، أبرزها ما يأتي :
أ ـ الرواية :
قامت هذه المدرسة على الرواية عن ابن عباس ، فروى عنه سعيد بن جبير وسمع منه التفسير وأكثر من روايته عنه (٢).
وروى مجاهد والفضل بن ميمون وعكرمة وطاوس وعطاء بن أبي رباح ، وكانت رواية هؤلاء الأعلام أكثرها عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ومن ثم تأثروا به وبمنهجه في التفسير.
ومما يدل على رواية هؤلاء الأعلام عن ابن عباس ما رواه الفضل بن ميمون أنه سمع مجاهدا يقول : عرضت القرآن على ابن عباس ثلاثين مرة (٣).
وروي عنه ـ أيضا ـ أنه قال : عرضت القرآن على ابن عباس ثلاث عرضات ، أقف عند كل آية ، أسأله فيم نزلت ، وكيف كانت (٤)؟
ولا تعارض بين هاتين الروايتين ؛ لأن الإخبار بالقليل لا ينافي الإخبار بالكثير ، فلعله
__________________
(١) لن نترجم للصحابة المؤسسين للمدارس التفسيرية ، لأمرين : أولهما : أنه قد سبقت ترجمتهم في الفصل الأول من هذه الدراسة ، وثانيهما : أنه برغم دور الصحابة الكبير في تأسيس المدارس التفسيرية ، فإن الفضل الأكبر يرجع في بلورتها إلى تلاميذهم من التابعين ومن جاء بعدهم.
(٢) ينظر : وفيات الأعيان لابن خلكان (١ / ٢٠٤).
(٣) ينظر : ميزان الاعتدال (٣ / ٩).
(٤) ينظر : تهذيب التهذيب (١٠ / ٤٢).