لم يرفعه ، علم أنه اجتهد فيه ، والمجتهد يخطئ ويصيب ، والصحابة في اجتهادهم كسائر المجتهدين.
وذهب فريق آخر إلى أنه يجب الأخذ به والرجوع إليه ؛ لظن سماعهم له من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولأنهم إن فسروا برأيهم فرأيهم أصوب ؛ لأنهم أدرى الناس بكتاب الله ؛ إذ هم أهل اللسان ، ولبركة الصحبة والتخلق بأخلاق النبوة ، ولما شاهدوه من القرائن والأحوال التي اختصوا بها ، ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح ، لا سيما علماؤهم وكبراؤهم كالأئمة الأربعة ، وعبد الله بن مسعود ، وابن عباس ، وغيرهم.
قال الزركشي في البرهان : «اعلم أن القرآن قسمان : قسم ورد تفسيره بالنقل ، وقسم لم يرد ، والأول : إما أن يرد عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، أو الصحابة ، أو رءوس التابعين ، فالأول يبحث فيه عن صحة السند ، والثاني ينظر في تفسير الصحابي : فإن فسره من حيث اللغة فهم أهل اللسان فلا شك في اعتماده ، أو بما شاهدوه من الأسباب والقرائن فلا شك فيه ..... اه (١).
وقال الحافظ ابن كثير في مقدمة تفسيره : «إذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السنة ، رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة ؛ فإنهم أدرى بذلك ؛ لما شاهدوه من القرائن والأحوال التي اختصوا بها ، ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح والعمل الصالح ، ولا سيما علماؤهم وكبراؤهم : كالأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين ، والأئمة المهتدين المهديين ، وعبد الله بن مسعود ، رضي الله عنهم (٢)».
المصدر الرابع : قول التابعي :
اختلف العلماء في تفسير التابعي :
فذهب بعض العلماء إلى أنه من المأثور ؛ لأنه تلقاه من الصحابة غالبا.
ومنهم من قال : إنه من التفسير بالرأي ، أي : له حكم بقية المفسرين الذين فسروا حسب قواعد اللغة العربية دون التزام بالمأثور (٣).
والخلاصة في هذا الخلاف : أنه إن ثبت عن التابعين فيه ـ أي التفسير ـ شيء : فإن
__________________
(١) ينظر : الإتقان في علوم القرآن (٢ / ١٨٣) ، ود. الذهبي : التفسير والمفسرون (١ / ٩٥ ، ٩٦).
(٢) تفسير القرآن الكريم لابن كثير (١ / ٣).
(٣) الزرقاني : مناهل العرفان في علوم القرآن (٢ / ١٣) ، ومحمد علي الصابوني : التبيان في علوم القرآن ص ٦٦.