صلىاللهعليهوسلم وعن الصحابة ، وزاد على ذلك من القول بالرأي والاجتهاد ، بمقدار ما زاد من الغموض الذي كان يتزايد كلما بعد الناس عن عصر النبي صلىاللهعليهوسلم والصحابة.
ثم جاءت الطبقة التي تلي التابعين وروت عنهم ما قالوا ، وزادوا عليه بمقدار ما زاد من غموض ... وهكذا ظل التفسير يتضخم طبقة بعد طبقة ، وتروي الطبقة التالية ما كان عند الطبقات التي سبقتها ، كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق.
ثم ابتدأ دور التدوين ـ وهو ما يعنينا في هذا البحث ـ فكان أول ما دون في التفسير ، هو التفسير بالمأثور ، على تدرج في التدوين كذلك ، فكان رجال الحديث والرواية هم أصحاب الشأن الأول في هذا ، وقد رأينا أصحاب مبادئ العلوم حين ينسبون ـ على عادتهم ـ وضع كل علم لشخص بعينه ، يعدون واضع التفسير ـ بمعنى جامعه لا مدونه ـ الإمام مالك بن أنس الأصبحي ، إمام دار الهجرة.
وكان التفسير إلى هذا الوقت لم يتخذ له شكلا منظما ، ولم يفرد بالتدوين ، بل كان يكتب على أنه باب من أبواب الحديث المختلفة ، يجمعون فيه ما روي عن النبي صلىاللهعليهوسلم وعن الصحابة والتابعين.
ثم بعد ذلك انفصل التفسير عن الحديث ، وأفرد بتآليف خاصة ؛ فكان أول ما عرف لنا من ذلك تلك الصحيفة التي رواها علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ، ثم وجد بعد ذلك جزء أو أجزاء دونت في التفسير خاصة ، مثل ذلك الجزء المنسوب لأبي روق ، وتلك الأجزاء الثلاثة التي يرويها محمد بن ثور عن ابن جريج.
ثم وجدت بعد ذلك موسوعات من الكتب المؤلفة في التفسير ، جمعت كل ما وقع لأصحابها من التفسير المروي عن النبي صلىاللهعليهوسلم وأصحابه وتابعيهم : كتفسير ابن جرير الطبري ، ويلاحظ أن ابن جرير ومن على شاكلته ـ وإن نقلوا تفاسيرهم بالإسناد ـ توسعوا في النقل وأكثروا منه ، حتى استفاض وشمل ما ليس موثوقا به.
كما يلاحظ أنه كان لا يزال موجودا إلى ما بعد عصر ابن جرير ومن على شاكلته ـ ممن أفردوا التفسير بالتأليف ـ رجال من المحدثين بوبوا للتفسير بابا ضمن أبواب ما جمعوا من الأحاديث.
ثم وجد بعد هذا أقوام دونوا التفسير بالمأثور بدون أن يذكروا أسانيدهم في ذلك ، وأكثروا من نقل الأقوال في تفاسيرهم بدون تفرقة بين الصحيح والعليل ؛ مما جعل الناظر في هذه الكتب لا يركن لما جاء فيها ؛ لجواز أن يكون من قبيل الموضوع المختلق ، وهو