وكذلك ـ أيضا ـ ذكروا ما لا يصح من أسباب نزول وأحاديث في الفضائل وحكايات لا تناسب بينها وتواريخ إسرائيلية ، ولا ينبغي ذكر هذا في علم التفسير (١).
وقال السيوطي في موضع آخر : وقال ابن النقيب : جملة ما تحصل في معنى حديث التفسير بالرأي خمسة أقوال :
أحدها : التفسير من غير حصول العلوم التي يجوز معها التفسير.
الثاني : تفسير المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله.
الثالث : التفسير المقرر للمذهب الفاسد بأن يجعل المذهب أصلا والتفسير تابعا فيرد إليه بأي طريق أمكن وإن كان ضعيفا.
الرابع : التفسير بأن مراد الله كذا على القطع من غير دليل.
الخامس : التفسير بالاستحسان والهوى.
ثم قال : واعلم أن علوم القرآن ثلاثة أقسام :
الأول : علم لم يطلع الله عليه أحدا من خلقه ، وهو ما استأثر به من علوم أسرار كتابه من معرفة كنه ذاته وغيوبه التي لا يعلمها إلا هو ، وهذا لا يجوز لأحد الكلام فيه بوجه من الوجوه إجماعا.
الثاني : ما أطلع الله عليه نبيه من أسرار الكتاب واختصه به ، وهذا لا يجوز الكلام فيه إلا له صلىاللهعليهوسلم أو لمن أذن له ، قال : وأوائل السور من هذا القسم ، وقيل : من القسم الأول.
الثالث : علوم علمها الله نبيه مما أودع كتابه من المعاني الجلية والخفية وأمره بتعليمها ، وهذا ينقسم إلى قسمين : منه ما لا يجوز الكلام فيه إلا بطريق السمع ، وهو أسباب النزول والناسخ والمنسوخ والقراءات واللغات وقصص الأمم الماضية وأخبار ما هو كائن من الحوادث وأمور الحشر والميعاد.
ومنه ما يؤخذ بطريق النظر والاستدلال والاستنباط والاستخراج من الألفاظ وهو قسمان : قسم اختلفوا في جوازه ، وهو تأويل الآيات المتشابهات في الصفات.
وقسم اتفقوا عليه ، وهو استنباط الأحكام الأصلية والفرعية والإعرابية ؛ لأن مبناها على الأقيسة.
وكذلك فنون البلاغة وضروب المواعظ والحكم والإشارات لا يمتنع استنباطها منه
__________________
(١) الإتقان في علوم القرآن ص (٢٢٧ ـ ٢٢٩).