واستخراجها لمن له أهلية (١).
ويمكن أن نستخلص من هذين النصين عدة أمور هي :
أولا : مطابقة التفسير للمفسر مطابقة تامة ، بحيث لا يقع له نقص من معناه ومقاصده ، ولا زيادة عليه بما ليس له به تعلق وثيق.
ثانيا : حمل الكلام على ما يتعين أو يترجح على أقل تقدير أنه المعنى المراد منه حقيقيّا كان ذلك المعنى أو مجازيّا ، في التركيب كان المجاز أو في المفردات.
ثالثا : مراعاة سياق الكلام ـ سوابقه ولواحقه ـ بحيث تتآخى وتترابط كافة أجزائه ، ويأخذ أوله بحجزه ، وفي ذلك لا بد من تجلية المناسبات بين الآيات ، بل بين السور كذلك.
رابعا : تجلية سبب النزول ، وعقد الصلة الوثيقة بينه وبين المنزل.
خامسا : تحقيق القول أولا في بيان كل ما يتعلق بمفردات النظم الكريم ، ثم الإتيان بعد ذلك على كل ما تحتاج إليه التراكيب من العلوم المختلفة ذات العلاقة بالنص.
سادسا : يجب على المفسر اجتناب الهجوم على التفسير من غير أخذ الأهبة له بكافة ما يلزمه من الصفات والعلوم.
سابعا : اجتناب الخوض في بيان ما استأثر الله بعلمه.
ثامنا : اجتناب الهوى والقول في القرآن بمجرد الاستحسان من غير برهان.
تاسعا : عدم القطع بأن مراد الله من النص كذا من غير دليل يستوجب مثل هذا القطع.
هذا ، ويحتاج المفسر بالرأي إلى خمسة عشر علما عددها السيوطي في مجموعات هي :
المجموعة الأولى : علوم اللغة وما يتعلق بالنحو والصرف والاشتقاق ، وهو ضروري للمفسر ؛ إذ كيف يمكن فهم الآية بدون معرفة المفردات والتراكيب ، وهل باستطاعة أحد أن يفسر قوله تعالى : (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [البقرة : ٢٢٦] بدون أن يعرف المعنى اللغوي للإيلاء والتربص والفيء؟
ولهذا قال الإمام مالك : «لا أوتي برجل غير عالم بلغة العرب ، يفسر كتاب الله إلا
__________________
(١) السابق ص (٢٢٩) وما بعدها.