جعلته نكالا».
فعلم النحو ضروري للمفسر ؛ لأن المعنى يتغير بتغير الحركات تغيرا كبيرا. وعلم الصرف والاشتقاق ضروريان ـ أيضا ـ للمفسر ؛ حتى لا يخبط الإنسان خبط عشواء.
المجموعة الثانية : علوم البلاغة «المعاني ـ البيان ـ البديع» وهي ضرورية لمن أراد تفسير الكتاب العزيز ؛ لأنه لا بد له من مراعاة ما يقتضيه الإعجاز ، وذلك لا يدرك إلا بهذه العلوم.
المجموعة الثالثة : أصول الفقه ، وأسباب النزول ، ومعرفة الناسخ والمنسوخ ، ومعرفة علم القراءات ، وهي كلها مما يحتاج إليه المفسر بالرأي ؛ حتى لا يخطئ الفهم ، ولا تزل قدمه بسبب الجهل بهذه الأمور الضرورية.
وأخيرا : علم الموهبة ، ويقصد به العلم اللدني الرباني (آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً) [الكهف : ٦٥] الذي يورثه الله تعالى لمن عمل بما علم ، ويفتح قلبه لفهم أسراره ، قال تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ) [البقرة : ٢٨٢] فهو ثمرة التقوى والإخلاص ، ولا ينال هذا العلم من كان في قلبه بدعة أو كبر أو حب للدنيا أو ميل إلى المعاصي ، قال تعالى : (سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ) [الأعراف : ١٤٦]
وما أجمل قول الشافعي رحمهالله :
شكوت إلى وكيع سوء حفظي |
|
فأرشدني إلى ترك المعاصي |
وأخبرني بأن العلم نور |
|
ونور الله لا يهدى لعاصي (١) |
قال السيوطي : «ولعلك تستشكل علم الموهبة وتقول : هذا شيء ليس من قدرة الإنسان ، وليس كما ظننت من الإشكال ، والطريق في تحصيله ارتكاب الأسباب الموجبة له من العمل والزهد.
ثم قال : «علوم القرآن وما يستنبط منه بحر ولا ساحل له ، فهذه العلوم التي ذكرناها هي كالآلة للمفسر ، ولا يكون مفسرا إلا بتحصيلها ، فمن فسر بدونها كان مفسرا بالرأي المنهي عنه» (٢).
__________________
(١) ينظر : محمد علي الصابوني : التبيان في علوم القرآن ص ١٥٧ ـ ١٦١.
(٢) الإتقان (٢ / ١٨١).