ظاهرا ، لم يحتمل صرف ظاهر لم يجئ فيها إليها ويدفع به الخبر» ، والله أعلم.
وأيضا ما جاء عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم في غير خبر أنه قال : «إنكم سترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون» (١) ، وسئل : هل رأيت ربك ، فقال : «بقلبي قلبي» (٢) ، فلم ينكر على السائل السؤال ، وقد علم السائل أن رؤية القلب ، إذ هي علم قد علمه ، وأنه لم يسأل عن ذلك ، وقد حذر المؤمنين عن السؤال عن أشياء قد كفوا عنها بقوله : (لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ) [المائدة : ١٠١] فكيف يحتمل أن يكون السؤال عن مثله يجيء ـ وذلك كفر في الحقيقة عند قوم ـ ثم لا ينهاهم عن ذلك ، ولا يوبخهم في ذلك ، بل يليق القول في ذلك ، ويرى أن ذلك ليس ببديع ، والله الموفق».
ونلاحظ أن الماتريدي لا يكتفي بإيراد الحديث ، بل يحلله ويوجهه ، ويبين مراده ، وفي هذا إثراء لمعنى الآية وبيان المقصود منها.
ونلاحظ ـ أيضا ـ أن الماتريدي يكتفي بجزء من الحديث الدال على ما يريده ؛ فمثلا عند تفسيره قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) [الأعراف : ١٧٢] يستشهد بحديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «كل مولود يولد على الفطرة» (٣) فلا يذكر إلا هذا الجزء من الحديث ؛ وهو الجزء الدال على مراده.
وهو لا يكتفي بإيراد السنة القولية عند تفسيره القرآن الكريم ، بل يأتي بالسنة الفعلية ـ أيضا ـ فعند تفسير قول الله تعالى : (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [الأعراف : ٢٠٤] ذكر أحاديث تمثل السنة القولية ، وأحاديث تمثل السنة الفعلية ، وأحاديث تمثلهما معا ، فقال : «الثاني : يجوز أن يكون أمر بالاستماع إليه في الصلاة ، على ما قال بعض أهل التأويل أنه في الصلاة.
__________________
(١) أخرجه البخاري (٩ / ٥٧٥) كتاب التفسير باب (وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس) (٤٨٥١) ، ومسلم (١ / ٤٣٩) كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب فضل صلاتي الصبح والعصر (٢١١ / ٦٣٣) من حديث جرير بن عبد الله.
(٢) أخرجه عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي عن بعض أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم كما في الدر المنثور (٦ / ١٦٠) ولفظه : قال : لم أره بعيني ورأيته بفؤادي مرتين ثم تلا (ثم دنا فتدلى ...).
(٣) هو طرف من حديث عن أبي هريرة. أخرجه البخاري (٨ / ٣٧٢) كتاب التفسير باب سورة الروم (٤٧٧٥) ، وفي (١١ / ٥٠٢) كتاب القدر : باب الله أعلم بما كانوا عاملين (٦٥٩٩) ، وفي (٣ / ٢٩٠) كتاب الجنائز باب ما قيل في أولاد المشركين (١٣٨٥) ، ومسلم (٤ / ٢٠٤٧) كتاب القدر باب معنى كل مولود يولد على الفطرة (٢٢ / ٢٦٥٨).