الفصل الثاني
منهج الماتريدي في تفسيره
في هذا الفصل تحاول الدراسة تلمس منهج الماتريدي في تفسيره في ضوء السور موضوع التحقيق في القسم الثاني من هذا البحث.
ويجدر بنا قبل الخوض في بيان منهج الماتريدي في التفسير أن نخص المنهج بنبذة نعرف به فيها لغة واصطلاحا.
المنهج لغة :
المنهج من نهج الطريق ينهج نهجا ، ونهوجا : وضح واستبان ، ويقال : نهج أمره ، ونهج الدابة أو الإنسان نهجا ونهيجا : تتابع نفسه من الإعياء ، ونهج الثوب : بلى وأخلق. ويقال : نهج الطريق : بينه ، ونهج الطريق : سلكه.
وانتهج الطريق : استبانه وسلكه ، واستنهج الطريق : صار نهجا ، ونهج سبيل فلان : سلك مسلكه.
والمنهاج : الطريق الواضح ، وفي التنزيل العزيز : (لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً) [المائدة : ٤٨] والمنهاج : الخطة المرسومة ، ومنه : منهاج الدراسة ، ومنهاج التعلم ونحوهما ، والجمع : مناهج. والمنهج : المنهاج ، والجمع : مناهج (١).
ومن كل هذه المعاني ، نرى أن أقرب معنى لغوي يعبر عنه (المنهج) ويخص ما نحن فيه هو المنهج بمعنى الطريق الواضح ، أو بمعنى الخطة المرسومة.
وبهذا يكون المنهج لغة : هو ما يرسمه مؤلف ما من طريقة يسير عليها وهو يؤلف كتابه.
وأكبر الظن أن المنهج بالمعنى اللغوي المذكور كان بعيدا عن تفكير الماتريدي وأقرانه ، فما أظن أنهم كانوا يصنعون لأنفسهم خطة دقيقة يسيرون عليها ، أو منهجا واضحا ينتهجونه عند تأليفهم ، ولكن هذا لا يعني أن تآليفهم كانت عشوائية بدون ضابط ، وظني أن الضابط في تلك الآونة هو الانتماء المذهبي أو التفكير العقلي المعين الذي يقود صاحبه إلى التزام أسس معينة في التأليف ، لكن أن نقول بأن القدماء ـ ومنهم الماتريدي طبعا ـ كانوا يعرفون المنهج وخصائصه وسماته وضوابطه كما هو في واقعنا الحاضر
__________________
(١) المعجم الوسيط ، مادة (نهج) وانظر : لسان العرب ، مادة (نهج).