الفصل الثالث
بذور التجديد في تفسير الماتريدي
يمكن رصد التجديد في تفسير تأويلات أهل السنة في ناحيتين :
الأولى : الإطار العام.
والثانية : الجزئيات.
فأما الناحية الأولى فتتمثل في :
أولا : التجديد في المنهج :
سبق أن بينا أن طريقة الماتريدي في تفسيره طريقة متميزة ، ومنهجه متطور إلى حد كبير ، سواء من جهة الإطار العام ، أو من جهة جزئيات المنهج.
فقد قام المنهج الماتريدي في تفسيره على التحليل والنقد ، ولم يكن هذا معهودا في التفسير قبل الماتريدي ؛ حيث كان التفسير ـ كما قلنا ـ يعتمد على الرواية دون كبير تدخل من المفسر ودون نقد أو تمحيص أو تحليل ، وفتح الماتريدي بهذا الباب واسعا أمام من جاء بعده للتوسع في التحليل والشرح والتأويلات للآيات بإعمال العقل والنقل جميعا.
وقد توسع الماتريدي في تفسيره في إعمال العقل ، لكن مقيدا بالنص ، وهو لون من ألوان التجديد ؛ حيث استطاع الماتريدي الموازنة بين العقل والنقل ، وقد كان السابقون عليه يعتمدون في تفسيراتهم على النقل فقط. صحيح أن هناك من سبق الماتريدي في إعمال العقل ، لكنه لم يكن في تفسير القرآن الكريم ، بل كان في المسائل الاعتقادية ، والمسائل الفقهية.
ويعد من التجديد في الإطار العام للمنهج عند الماتريدي في تفسيره الاستغناء عن ذكر السند عند التفسير بالمرويات.
ثانيا : الاهتمام بالمسائل الاعتقادية :
اهتم الماتريدي كثيرا في تفسيره بالمسائل الاعتقادية ، ولعله غير مسبوق في الاهتمام بالمسائل الاعتقادية في التفسير ؛ حيث كانت التفاسير السابقة تقوم على بيان معنى لفظ ، أو شرح آية بشروح موجزة ، مع ذكر الروايات حول الآية موضع التفسير ، أما الاهتمام بالمسائل الاعتقادية التي تتضمنها فلا نكاد نجدها في التفاسير السابقة على تفسير تأويلات