والجود ، والتمجيد هو الوصف بذلك ، وبالله التوفيق.
ثم أجمع على أن قوله : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) (٤) أنه يوم الحساب والجزاء. وعلى ذلك القول : (أَإِنَّا لَمَدِينُونَ) [الصافات : ٥٣] ، وقوله تعالى : (يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقَ) [النور : ٢٥] وهو الجزاء.
ومن ذلك قول الناس : «كما تدين تدان».
وجائز أن يكون (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) (٤) على جعل ذلك اليوم لما يدان اليوم ؛ إذ به يظهر حقيقته ، وعظم مرتبته ، وجليل موقعه عند ربه.
وفى الآية دلالة وصف الرب بملك ما ليس بموجود لوقت الوصف بملكه ، وهو يوم القيامة.
ثبت أن الله بجميع ما يستحق الوصف به يستحقه بنفسه لا بغيره.
ولذلك قلنا نحن : هو خالق لم يزل ، ورحيم لم يزل ، وجواد لم يزل ، وسميع لم يزل ـ وإن كان ما عليه وقع ذلك لم يكن ـ وكذلك نقول : هو رب كل شىء ، وإله كل شىء فى الأزل ـ وإن كانت الأشياء حادثة ـ كما قال : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) (٤) وإن كان اليوم بعد غير حادث. وبالله التوفيق.
قوله تعالى : (مَـلِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٥) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٦) اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ) [الفاتحة].
وقوله : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ).
فهو ـ والله أعلم ـ على إضمار الأمر ، أى : قل : ذا. ثم لم يجعل له أن يستثنى فى القول به ، بل ألزمه القول بالقول فيه. ثم هو يتوجه وجهين :
أحدهما : يحال (١) القول به على الخبر عن حاله ؛ فيجب ألا يستثنى فى التوحيد ، وأن من يستثنى فيه عن شكّ يستثنى.
والله ـ تعالى ـ وصف المؤمنين بقوله تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا ...) الآية [الحجرات : ١٥].
وكذلك سئل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن أفضل الأعمال فقال : «إيمان لا شكّ فيه» (٢).
__________________
(١) فى أ : لحال.
(٢) طرف من حديث عبد الله حبشى :
أخرجه أحمد (٣ / ٤١١) ، وأبو داود (١ / ٤٢٢) كتاب الصلاة ، باب افتتاح صلاة الليل بركعتين (١٣٢٥) ، وباب طول القيام (١٤٤٩) ، والنسائى (٥ / ٥٨) ، كتاب الزكاة ، باب جهد المقل. ـ