وجفائه ، والله بكرمه وجوده لا ينجز له ما وعد؟!
لا يكون هذا البتة ، وقد قال : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) [غافر : ٦٠] وغير ذلك مما فيه الإنجاز ، وأنه لا يخلف الميعاد.
ثم قد جعلت ـ بما جاء من الحديث فى تلاوتها ـ أن قدمها على التوراة ، والإنجيل ، وعدلها بثلثى القرآن ، وجعلها شفاء من أنواع الأدواء للدين ، والنفس ، والدنيا ، وجعلها معاذا من كل ضلال ، وملجأ إلى كل نعمة. وبالله نستعين.
مع ما أوضح ـ فى الأسماء التى لقب فيها فاتحة القرآن ـ عظيم موقعه ، وجليل قدره ، وهو أن سمّاه فاتحة القرآن بما به يفتح القرآن ، وكذلك روى عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه كان يفتتح القراءة به وسمى فاتحة الكتاب بما به يفتتح كتابة المصاحف والقرآن.
وسمى أم القرآن لما يؤم غيره فى القراءة.
وقيل : الأم بمعنى الأصل ، وهو ألا يحتمل شىء مما فيه النسخ ولا الرفع فصار أصلا.
وسمى المثانى ؛ لما يثنى فى الركعات ، ولا قوة إلا بالله.
وفى قوله : (اهْدِنَا) إلى آخره وجهان سوى ما ذكرنا ؛ إذ قوله : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) دعاء كاف عما تضمن إلى آخر السورة ؛ إذ ليس فيها غير تفسير هذه الجملة.
أحدهما : تذكير نعم الله على الذين يقبلون دينه فى قلوبهم ، والتوفيق لهم بذلك ، وأفضاله عليهم بما ليس لهم عليه.
والثانى : تعوذهم عن كل زيغ ومقت ، وضلال ، وذنب ، والتجاؤهم إليه فى ذلك بقوله : (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ).
* * *