قيل (١) : على صواب ، ورشد من ربهم.
وقيل (٢) : إنهم على بيان من ربهم ، لكن البيان ليس المؤمن أحقّ به من الكافر ؛ لأنه يبين للكافر جميع ما يحتاج إليه ، إما من جهة العقل ، وإما من جهة السمع. فظهر بهذا أن الأول أقرب إلى الاحتمال من الثانى.
وقوله : (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
قيل فيه بوجوه :
قيل : الباقون فى نعم الله والخير.
وقيل (٣) : الظافرون بحاجاتهم ، يقال : أفلح ، أى : ظفر بحاجته.
وقيل : (الْمُفْلِحُونَ) هم السعداء ، يقال : أفلح ، أى : سعد.
وقيل (٤) : (الْمُفْلِحُونَ) الناجون ؛ يقال : أفلح ، أى : نجا. وكله يرجع إلى واحد ؛ كقوله : (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ) [آل عمران : ١٨٥] وكل واحد ممن زحزح عن النار فقد فاز ومن أدخل الجنة فقد فاز فكذلك الأول.
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٦) خَتَمَ للهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (٧) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (٨) يُخادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ (٩) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ)(١٠)
وقوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ).
هذا ـ والله أعلم ـ فى قوم خاص ، علم الله أنهم لا يؤمنون ، فأخبر عزوجل رسوله بذلك ، فكان كما قال.
وفيه آية النّبوّة.
ويحتمل أيضا : أنهم لا يؤمنون ما داموا فى كفرهم ؛ كقوله : (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [البقرة : ٢٥٨ ، آل عمران : ٨٦ ، التوبة : ١٩ ، ١٠٩ ، الصف : ٧ ، الجمعة : ٥] والكافرون ما داموا كافرين ظالمون.
وقوله : (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ).
__________________
(١) انظر تفسير البغوى (١ / ٤٨).
(٢) ينظر التخريج السابق.
(٣) أخرجه ابن جرير (٢٩٤) عن ابن عباس بنحوه.
(٤) انظر تفسير البغوى (١ / ٤٨).