__________________
ـ المذهب السابع : أن الإيمان هو الإقرار باللسان فقط بشرط حصول المعرفة القلبية وبدونها لا يتحقق الإيمان ؛ وهو مذهب الرقاشى.
المذهب الثامن : أن الإيمان هو الإقرار باللسان بشرط التصديق ، وهو مذهب القطان.
هذه هى المذاهب الثمانية فى الإيمان الشرعى والمختار منها كما أشرنا هو المذهب الثانى :
وقد تضافرت على هذا المذهب الأدلة من القرآن الكريم والسنة.
أما القرآن الكريم : فقد وردت آيات كثيرة تدل لهذا المذهب ـ وهو أن الإيمان هو التصديق ، فى حين أن الإقرار شرط لإجراء الأحكام ـ فمن هذه الآيات :
ـ قوله تعالى : (أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ) [المجادلة : ٢٢]
ـ وقوله عزوجل : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) [النحل : ١٠٦]
ـ قوله سبحانه وتعالى : (وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ) [الحجرات : ١٤]
وأما الأدلة من السنة المطهرة :
فقوله عليه الصلاة والسلام : «اللهم ثبت قلبى على دينك وطاعتك».
وقوله صلىاللهعليهوسلم : «هلا شققت عن قلبه».
فهذه النصوص تدل صراحة على أن محل الإيمان هو القلب وليس الإقرار والعمل من حقيقته.
ونوقش الاستدلال بأن أعمال القلب كثيرة فمنها التصديق والعفة والشجاعة والقدرة وهذه النصوص وإن دلت على أن الإيمان محله القلب فهى لا تدل على خصوص التصديق دون سائر أعمال القلب.
والجواب أن ما عدا التصديق من أعمال القلب ليس من الإيمان باتفاق الخصوم ، وإنما خلافهم هل الإيمان تصديق وشىء آخر أو هو تصديق فقط؟ وأيضا فإن الإيمان فى اللغة معناه التصديق ولم يعين فى الشرع لمعنى آخر كما عين لفظ الصلاة والصوم والزكاة ؛ إذ لو كان له معنى آخر غير التصديق لبينه الشارع لنا إذ لو لم يبينه لنا لكان مخاطبا لنا بما لا نفهمه وذلك مستلزم لعدم الإمكان ، وإنما وقع البيان من الشارع عن المؤمن به لا عن الإيمان ولذلك قال عليهالسلام لمن سأله عن الإيمان «أن تؤمن بالله .... إلخ» ولم يبين له معنى الإيمان ، وما ذاك إلا لأنه معروف فى اللغة ، فدل ذلك على أنه لم ينقل عن معناه اللغوى إلى معنى آخر فى الشرع ، فالإيمان شرعا ولغة هو التصديق ويزيد فى الشرع المتعلق وهو بما جاء به الرسول صلىاللهعليهوسلم من عند الله ، والنقل من المعنى اللغوى إلى غيره لا يكون إلا بدليل ؛ لأنه خلاف الأصل وهاهنا لا دليل ، بل الدليل قائم على عدم النقل.
أدلة الكرامية : احتج الكرامية لما ذهبوا إليه من أن الإيمان هو التصديق باللسان بدليلين :
أحدهما : الاحتكام إلى اللغة ، حيث إن اللغة لا تعرف إلا التصديق اللسانى دون القلبى ، ومعلوم أن التصديق واحد فى اللغة وفى الشرع ، فلم ينقله الشارع إلى غير التصديق اللسانى الذى هو معروف فى اللغة ؛ ومن ثم وجب القول بأن الإيمان هو التصديق باللسان فقط.
الثانى : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم والصحابة رضوان الله عليهم كانوا يحكمون بإيمان من تلفظ بالشهادتين من غير استفسار عما فى قلبه فهم يقنعون منه بمجرد التصديق اللسانى فدل ذلك على أن هذا هو الإيمان.
ويجاب عن الدليل الأول : بأن القول : إن اللغة لا تعرف من التصديق إلا فعل اللسان غير صحيح بل الأمر بالعكس ؛ إذ إن اللغة لا تعرف إلا التصديق القلبى.
ويؤيد كون التصديق عمل القلب لا اللسان أن الله عزوجل قد نفى الإيمان عن بعض المقرين ـ