وأما سائر الكفرة فإنهم لم يضطربوا فى الدين ، بل أظهروا بالقول على ما أضمروا بالقلب ؛ فسماهم موتى ، لما لم ينتفعوا بحياتهم ، ولم يكتسبوا الحياة الدائمة.
وسمى المؤمنين أحياء ؛ لما انتفعوا بحياتهم ، واكتسبوا الحياة الدائمة ، لموافقتهم باللسان والقلب جميعا لدين الله ـ عزوجل ـ والله أعلم.
وقوله : (فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً).
اختلف فى تأويله :
قالت المعتزلة : هو التخلية بينهم وبين ما اختاروا.
وأما عندنا : فهو على خلق أفعال زيادة الكفر والنفاق فى قلوبهم ، لما زادوا هم فى كل وقت من إظهار الموافقة للمؤمنين بالقول ، وإضمار الخلاف لهم بالقلب ، خلق الله عزوجل تلك الزيادة من المرض فى قلوبهم باختيارهم.
وقد ذكرنا الوجه فى ذلك فيما تقدم فى قوله : (اهْدِنَا).
وقوله : (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ).
لأن عذاب الدنيا قد يكون ولا ألم فيه ؛ فأخبر الله عزوجل أن عذاب الآخرة عذاب شديد عظيم ، ليس كعذاب الدنيا.
قوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ (١١) أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ (١٢) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ (١٣) وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ (١٤) اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١٥) أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ)(١٦)
وقوله : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ).
بالمخادعة للمؤمنين ، وإظهار الموافقة لهم بالقول ، وإضمار الخلاف لهم بالقلب ، والاستهزاء بهم عند الخلوة ، والقول فيهم بما لا يليق بهم ، وعبادة غير الله. وأىّ فساد أكبر من هذا؟!.
وقوله : (قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ).
بإظهار الموافقة بالقول.
وقوله : (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ).
أخبر تعالى أنهم هم المفسدون ؛ لما أضمروا من الخلاف لهم ، والمخادعة ، والاستهزاء بهم.