وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً) [النساء : ١٤] ليس على كل عصيان ، ولا الوعيد بالظلم المطلق بوجه كل ظالم وكل عصيان وغواية ، بل يلزم به تقسيم هذه الحروف على ما يليق به ، ومن يريد بها الجمع فى كل الأنام خارج عن المعروف من أحكام الله فى أهل المآثم.
والثانى : قد عوقب بوجه لا يجب جزء منها بما يسميه المعتزلة كبيرة ، بل يزيل به اسم الإيمان ؛ من نحو شرب قطرة من الخمر ، أو قذف محصنة ، أو أخذ عشرة دراهم من مال آخر.
وكذلك فعل أولاد يعقوب. ثم لم يجترئ أحد على دعوى خروج من ذكرت من دين الله ؛ لزم بطلان قولهم ، مع ما كان من قولهم : إن الصغيرة لا يجوز فى الحكمة التعذيب عليها ، ولا الكبيرة العفو عنها.
وقد كان عذب آدم عليهالسلام ـ بأنواع العذاب ، لما لو لم يكن سوى ما أظهر فعلهما على رءوس الخلائق لكان عظيما.
ثم اختلف فى الوجه الذى بلى :
منهم من يقول : لما كان من صلبه من الكفرة وهم ليسوا بأهل الجنة.
وقيل : رحمة للخلق لئلا ييأسوا ، ولا يزيل الولاية بكل ذنب.
وقيل : بليا لتنبئة الخلق ـ بهما ـ ألا يقوم أحد بتعاهد نفسه عما يذم إليه إذا وكل نفسه إليه ، فيكون ذلك سببا لزجر الخلق عن النظر إلى أنفسهم فى شىء من الخير ، والفزع إليه ، بالعصمة عن كل شىء.
وقيل : بلى بحق المحنة ؛ إذ هى ترد صاحبها بين اللذات والآلام ، وبين أحوال مختلفة لا يحتمل أن يصير بحيث يأمن الزلل ، وإنما ذلك بحفظ الله ومنّه ، لا بتدبير أحد وجهده ،
__________________
ـ صدق الله ورسوله قالوا لترجعن الأشتر عن قتال المسلمين وإلا لنفعلن بك كما فعلنا بعثمان فاضطر إلى رد الأشتر بعد أن هزم الجمع وولوا مدبرين وما بقى منهم إلا شرذمة قليلة فيهم حشاشة قوة فامتثل الأشتر أمره وكان من أمر الحكمين أن الخوارج حملوه على التحكيم أولا وكان يريد أن يبعث عبد الله بن عباس فما رضى الخوارج بذلك وقالوا هو منك فحملوه على بعث أبى موسى الأشعرى على أن يحكما بكتاب الله تعالى فجرى الأمر على خلاف ما رضى به فلما لم يرض بذلك خرجت الخوارج عليه وقالوا لم حكمت الرجال لا حكم إلا لله. وهم المارقة الذين اجتمعوا بالنهروان. وكبار فرق الخوارج ستة : الأزارقة والنجدات والصفرية والعجاردة والإباضية والثعالبة ، والباقون فروعهم ويجمعهم القول بالتبرى عن عثمان وعلى ويقدمون ذلك على كل طاعة ولا يصححون المناكحات إلا على ذلك ويكفرون أصحاب الكبائر ويرون الخروج على الإمام إذا خالف السنة حقا واجبا. ينظر الفصل فى الملل والنحل (١ / ١٥٥ ـ ١٥٧).