نور ، ولكن يكون على فضل الملائكة.
(وَقاسَمَهُما) [الأعراف : ٢١].
حلف لهما فى وسوسته أنه يقول ذلك عن نصيحة ، فتابعاه فى الأكل لا على القبول عنه ما ذكر ؛ إذ لو كان عن قبول كان أعظم من الأكل ، ولكن أكلا على الشهوة ، واتباع الهوى.
ولو صدّقاه فى ذلك لكفرا ، وكان هذا أعظم من الأكل ، ولم يقل لهما ذلك فيهما لأجل ذلك الشىء.
وذلك كما يقول الرجل لآخر ـ فى شىء يقتل عليه أو يقطع له ـ : لو فعلت لا يفعل بك ذلك (١) ، فيقدم عليه ، أنه يقدم لشهوته ، لا على التصديق له فى ذلك.
وكذا من يذكّر أحدا بمثل امرأة بحبها وإيثارها إياه ؛ فيأتيها بشهوة لا بتصديق الآخر ؛ فمثله أمر آدم فيما وسوس إليه الشيطان.
وهذا الذى يذكر الحسن يوجب أن يكون آدم كان يعلم أن ذلك كان من الشيطان عدوّه.
وذلك إقدام على أثر ما ذكر على ما يصف أنه كان يعلم أنه أمر فظيع (٢) يوجب فعله ـ على العلم بالنهى ـ أنه لا ينال به خيرا ، ولا يصل بذلك إلى فضل ، بل اتبع الشيطان بما هوى واشتهى.
وهذا لو كان شهده كان فظيعا أن يدّعيه على أبى البشر ، ومن قد فضّله الله بالذى سبق ذكره.
بل لو قيل له : إنه لم يكن علم أنه من عدوه ، أو إلهام ـ على ما يكون للأخيار ـ أو كان أسمع على غير الصورة التى أدّاها من قبل ، كان أقرب وأحق أن ينطق (٣) به من أن يذكر الذى ذكر.
ومتى يكون الإقدام لجهة بخير لا على طمع فى ذلك؟! بل لا ينكر أن يكون له ، ولكن على ما بينا.
وليس من ذلك الوجه ، الوحشة فى الدين.
ثم قد ذكر ملكين ، والكلام فى الفضل وغير الفضل ـ على قوله ـ لا معنى له ؛ لأنّه
__________________
(١) فى أ : ولك.
(٢) فى أ : قطع.
(٣) فى أ : يظن.