قيل (١) : إن اليهود كانوا يصلون ولا يركعون ؛ فأمروا أن يصلوا لله ويركعوا فيها على ما يفعله المسلمون.
وقيل : إنّهم كانوا يصلون وحدانا لغير الله ؛ فأمروا بالصلاة مع النبى صلىاللهعليهوسلم وأصحابه بالجماعة.
وفيه أمر بحضور الجماعة.
وقيل (٢) : (وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) أى : كونوا مع المصلين يعنى المسلمين ، ولا تخالفوهم فى الدين والمذهب ، أى : اعتقادا.
وقوله عزوجل : (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ).
قيل فيه بوجوه :
قيل : (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ) يعنى : الأتباع والسفلة باتباعكم ، وتعظيمكم لعلمكم (٣) ، وتلاوتكم الكتاب ، (وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ) ولا تأمرونها باتباع محمد صلىاللهعليهوسلم ، وتعظيمه ، لعلمه ، ولنبوته ، ولفضل منزلته عند الله؟!
وقوله : (وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ).
أى : تجدون فى كتابكم أنه كذلك.
وقوله : (أَفَلا تَعْقِلُونَ).
أنّ ذا لا يصحّ؟!.
وقيل : (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ) يعنى : الفقراء والضعفة بالإيمان بمحمد صلىاللهعليهوسلم ، ولا تأمرون الأغنياء وأهل المروءة بالإيمان به ، لما تخافون فوت المأكلة ، والبر ، وانقطاعه عنكم.
ويحتمل أن ذا الخطاب لهم ولجميع المسلمين ، ألا يأمر أحد أحدا بمعروف إلا ويأمر نفسه بمثله ، بل الواجب أن يبدأ بنفسه ، ثم بغيره ، فذلك أنفع وأسرع إلى القبول.
(أَفَلا تَعْقِلُونَ) أن ذلك فى العقل لازم أن يجعل أول السعى فى إصلاح نفسه ، ثم الأمر لغيره. والله أعلم.
وقوله : (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ).
يحتمل وجوها :
يحتمل : أن استعينوا بالصبر على ترك الرئاسة والمأكلة فى الدنيا ؛ لأن الخطاب كان
__________________
(١) انظر تفسير البغوى (١ / ٦٧).
(٢) انظر تفسير البغوى (١ / ٦٧).
(٣) فى أ : لعملكم.