قوله تعالى (يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ (٤٧) وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٨) وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (٤٩) وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْناكُمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (٥٠) وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ (٥١) ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٥٢) وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)(٥٣)
وقوله : (يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ).
يحتمل وجوها :
يحتمل : (أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ) بمحمد صلىاللهعليهوسلم ، وذلك أن الناس كانوا على فترة من الرسل ، وانقطاع من الوحى ، واختلاف من الأديان والمذاهب ؛ فبعث الله ـ تعالى ـ محمدا صلىاللهعليهوسلم ؛ ليجمعهم ويدعوهم إلى دين الله ، ويؤلف بينهم ، ويخرجهم من الحيرة والتيه ، وذلك من أعظم نعمة أنعمها عليهم ، وبالله التوفيق.
وذلك أيضا يحتمل فيما تقدم من الآيات.
وقوله : (يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي ...) الآية [البقرة : ٤٠].
وقوله : (وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ) [البقرة : ٤١] يعنى : محمدا صلىاللهعليهوسلم.
وعهده فى الأرض رسوله ، كقوله : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ) إلى قوله : (وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي) [آل عمران : ٨١] أى : عهدى.
وعلى ذلك قوله : (وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ) [البقرة : ٤١] يعنى : بمحمد صلىاللهعليهوسلم.
وقوله : (وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ) [البقرة : ٤٢] يعنى : محمدا صلىاللهعليهوسلم.
وكذلك قوله : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) [البقرة : ٤٣] أمكن تخريج هذه الآيات كلها على محمد صلىاللهعليهوسلم.
ويحتمل أيضا قوله : (نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ) الوجوه التى ذكرنا.
أحدها : أن جعل منكم الأنبياء والملوك ؛ كقوله : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً) [المائدة : ٢٠].
كما قيل : إن كل نبى من لدن يعقوب إلى زمن عيسى عليهالسلام كان من بنى إسرائيل.
ويحتمل : ما آتاهم ـ عزوجل ـ من أنواع النعم ما لم يؤت أحدا من العالمين ؛