الحلال والحرام فهو فرقان.
وقيل (١) : يسمى فرقانا ؛ لما فرق فيه بين الحق والباطل. وهما واحد.
وقيل : سميت التوراة فرقانا ؛ لما فيها المخرج من الشبهات.
وقيل : الآية على الإضمار ؛ كأنه قال : وإذ آتينا موسى الكتاب ـ يعنى التوراة ـ ومحمدا الفرقان ؛ كقوله : (تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ) [الفرقان : ١].
وقوله : (لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ).
فالكلام فيه كالكلام فى قوله : (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) وقد ذكرنا فيه ما أمكن ، والله أعلم.
قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (٥٤) وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (٥٥) ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٥٦) وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٥٧) وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (٥٨) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ)(٥٩)
وقوله عزوجل : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ).
وقيل (٢) : ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل إلها.
وقوله عزوجل : (فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ).
قيل : ارجعوا عن عبادة العجل إلى عبادة ربكم.
وقيل : ارجعوا عن اتخاذ العجل إلها إلى اتخاذ خالقكم إلها.
وقوله عزوجل : (فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ).
قال الفقيه أبو منصور ـ رحمهالله ـ : لو لا اجتماع أهل التأويل والتفسير على صرف ما أمر الله ـ جل وعزّ ـ إياهم بقتل أنفسهم على حقيقته ، وإلا لم نكن نصرف الأمر بقتل أنفسهم على حقيقة القتل ؛ وذلك لأن الأمر بالقتل كان بعد التوبة ، ورجوعهم إلى عبادة الله ، والطاعة له ، والخضوع.
__________________
(١) أخرجه ابن جرير عن أبى العالية (٩٢٩) ومجاهد (٩٣٠ ، ٩٣١ ، ٩٣٢) وانظر الدر المنثور (١ / ١٣٥).
(٢) قاله البغوى فى تفسيره (١ / ٧٣).