قيل : (ما يُسِرُّونَ) فى الخلوة ؛ من الكفر به والتكذيب له (وَما يُعْلِنُونَ) لأصحابه ؛ من التصديق له والإيمان به.
وقيل : (ما يُسِرُّونَ) من كتمان نعته وصفته. (وَما يُعْلِنُونَ)(١) من إظهار نعته وصفته الذى فى التوراة.
ويحتمل : ما يسرّ هؤلاء لهم من النهى عن إظهار ما فى التوراة ، وما يعلن هؤلاء للمؤمنين من إظهار نعته وصفته ، والله أعلم.
وقوله : (وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ).
يقول : من اليهود من لا يقرأ التوراة ولا يعرفها ، إلا أن يحدثهم العلماء والرؤساء عنها.
والأمّىّ : الذى لا يكتب ، ولا يقرأ عن كتابة ، لكنه يقرأ لا عن كتابة ، كالنبى صلىاللهعليهوسلم ، كان لا يكتب ، ولا يقرأ عن كتابة ؛ كقوله : (وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ) [العنكبوت : ٤٨].
ويقال أيضا : الذى لا يقرأ ولا يكتب ، لا عن كتابة ، ولا ؛ غير كتابة.
وقوله : (إِلَّا أَمانِيَ).
قيل (٢) : أحاديث باطلة يحدث لهم ، وهو قول ابن عباس.
وقيل (٣) : إلا أمانىّ ، يعنى إلا كذبا.
وقال الكسائى (٤) : إلا أمانى : إلا تلاوة ؛ كقوله : (إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ) [الحج : ٥٢] يعنى : فى تلاوته.
وقوله : (وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) ، يقول : ما هم إلا ظن يظنون فى غير يقين.
وأصله : أى لا يعلمون علم الكتاب ، إنما عندهم أمانىّ النفس وشهواتها ؛ كقوله : (لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ) [النساء : ١٢٣].
__________________
(١) فى أ : وما تظهرون.
(٢) أخرجه ابن جرير عنه (١٣٧٣).
(٣) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير عنه (١٣٦٨) وعن مجاهد (١٣٦٩) ، وانظر الدر المنثور (١ / ١٥٨).
(٤) قاله أبو عبيدة كما فى تفسير البغوى (١ / ٨٨) ،
وهو على بن حمزة بن عبد الله الأسدى بالولاء ، الكوفى ، أبو الحسن الكسائى : إمام فى اللغة والنحو والقراءة. من تصانيفه «معانى القرآن» و «المصادر» و «الحروف» و «القراءات» و «النوادر» و «المتشابه فى القرآن» و «ما يلحن فيه العوام». توفى بالرى فى العراق سنة ١٨٩ ه.
انظر : ابن خلكان (١ / ٣٣٠) ، تاريخ بغداد (١١ / ٤٠٣).