وقوله : (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ).
قيل (١) : الويل : الشدة.
وقيل (٢) : الويل : واد فى جهنم.
وقيل : الويل : هو قول كلّ مكروب وملهوف يقول : ويل له بكذا.
وقوله : (يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ) يحتمل وجهين :
يحتمل : يكتبون : يمحون نعته ، وصفته عن التوراة.
ويحتمل : يكتبون : يحدثون كتابة ، على خلاف نعته وصفته ، ثم يقولون : هذا من عند الله ؛ فتكون الكتابة فى هذا إثباتا ؛ كقوله : (كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ) [المجادلة : ٢٢] ، والمثبت : هو ذلك الملحق ليظن أنه كذلك فى الأصل.
وقوله : (لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً).
قد ذكرنا هذا فيما تقدم.
وقوله : (فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ).
ذكر لهم ثلاث ويلات :
ويل ؛ بإحداث كتابة ببعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم ومحوه وتغييره.
والثانى : بقولهم : هذا من عند الله.
والثالث : وويل لهم مما يكسبون من المأكلة والهدايا.
قوله تعالى : (وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٨٠) بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٨١) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ)(٨٢)
وقوله : (وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً).
أجمع أهل التفسير (٣) والكلام على صرف الأيام المعدودة المذكورة فى هذه الآية إلى أيام عبادة العجل. وذلك لا معنى له ؛ لوجهين :
__________________
(١) نسبه البغوى فى تفسيره (١ / ٨٨) عن ابن عباس قال : شدة العذاب.
(٢) قاله أبو عياض ، أخرجه ابن جرير عنه (١٣٨٦ ، ١٣٨٧) ، وقد ورد هذا القول فى حديث مرفوعا عن أبى سعيد الخدرى ، أخرجه أحمد وهناد بن السرى فى الزهد وعبد بن حميد والترمذى وابن أبى الدنيا فى صفة النار وأبو يعلى وابن جرير وابن أبى حاتم والطبرانى وابن حبان فى صحيحه والحاكم فى المستدرك وصححه وابن مردويه والبيهقى فى البعث كما فى الدر المنثور (١ / ١٥٩).
(٣) منهم ابن جرير فإنه ساقه بإسناده عن ابن عباس (١٤٠٢) ، وقتادة (١٤٠٣ ، ١٤٠٦).