غير أن الإحسان يجوز أن يكون الفعل الحسن نفسه ؛ كقوله : (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) [الأعراف : ٥٦] استوجبوا هذا بالفعل الحسن ، لا بالإحسان إلى الله تعالى ، وفعل الحسن فرض واجب على كل أحد.
والثانى : أن الإحسان إليهم يجوز أن يكون من حق الله عليهم ، وحقّ الله عليهم لازم ، وعلى ذلك صلة القرابة والمحارم ، والإنفاق عليهم من حق الله عليهم ، وهو لازم.
فهذا ينقض على الشافعى (١) قوله : إنه لا يوجب النفقة إلا على الوالدين ، ولا يتكلم فى الآباء والأمهات بالقرابة ، ولا سموا بهذا الاسم ؛ فدل : أنه أراد به غير الوالدين ، والله أعلم.
وقوله : (وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ).
يحتمل : على النفل من الصدقة والفرض جميعا.
وقوله : (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً).
يحتمل وجوها :
يحتمل : لا تكتموا صفة محمد صلىاللهعليهوسلم ونعته ولكن أظهروها.
ويحتمل : الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله.
ويحتمل : المراد به الكلّ ، كل شىء وكل قول ؛ أى : لا تقولوا إلا حسنا. والله أعلم.
وقوله : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ).
يحتمل : الإقرار بها ، والقبول لها.
ويحتمل : إقامتها فى مواقيتها ، بتمام ركوعها وسجودها وخشوعها.
ويحتمل : أن كونوا فى حال تكون لكم الصلاة والتزكية.
__________________
(١) هو : محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد المطلبى ، أبو عبد الله ، الشافعى الإمام العلم ، وقال قتيبة : الشافعى إمام ولد سنة خمسين ومائة روى عن مالك وإبراهيم بن سعد وابن عيينة ومحمد بن على بن شافع وخلق ، وعنه : أبو بكر الحميدى وأحمد بن حنبل والبويطى وأبو ثور وحرملة وطائفة ، حفظ القرآن وهو ابن سبع سنين ، والموطأ وهو ابن عشر سنين ، قال الربيع : كان الشافعى يختم القرآن ستين مرة فى صلاة رمضان ، وقال بحر ابن نصر : كنا إذا أردنا أن نبكى قلنا بعضنا لبعض : قوموا بنا إلى هذا الفتى المطلبى يقرأ القرآن ، فإذا أتيناه استفتح القرآن حتى يتساقط الناس من بين يديه ويكثر عجيجهم بالبكاء من حسن صوته ، وقال ابن مهدى : كان الشافعى شابا ملهما. وقال أحمد : ستة أدعو لهم سحرا أحدهم الشافعى. وقال : إن الشافعى للناس كالشمس للعالم. وقال أبو عبيد : ما رأيت أعقل من الشافعى.
وتوفى فى آخر يوم من رجب سنة أربع ومائتين ، رضى الله عنه.
ينظر : تهذيب التهذيب (٩ / ٢٥) ، وتاريخ بغداد (٢ / ٥٦) ، والثقات (٩ / ٣٠) ، والخلاصة (٢ / ٣٧٧ ـ ٣٧٨).