فكان كما قال ؛ فدل أنه من عند الله علم ذلك.
وقوله : (بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ).
من الذنوب ، والعصيان ، والتكذيب بمحمد صلىاللهعليهوسلم ، والحسد له.
وهم ـ والله أعلم ـ قد عرفوا عن صنيعهم ، وما لهم من عند الله من العذاب والجزاء ، لكنهم قالوا ذلك ؛ على التعنت ، والمكابرة ، والسفه ؛ لذلك لم يتمنوا ، والله الموفق.
وقوله : (وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ).
هو على الوعيد ؛ كقوله : (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ) [إبراهيم : ٤٢].
ويحتمل : عليم بالظالمين ؛ بما يفضحهم بالحجج ، ويظهر كذبهم فى الدنيا ؛ لئلا يظن أحد أنه عن غفلة بما يعملون ، بل خلقهم على علم منه بما يعملون. خلقهم ؛ ليعلم أنه لا لنفع له بخلقهم خلقهم ، وأن ذلك لا يضره.
وقوله : (وَلَتَجِدَنَّهُمْ) يعنى اليهود.
(أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ).
وعلى كراهية الموت.
فدل حرصهم على حياة الدنيا أنهم كذبة فيما يزعمون ويدعون.
وقوله : (وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ).
يعنى : المجوس (١).
__________________
(١) والمجوسية بالفتح نحلة. وفى الحديث : «فأبواه يمجسانه».
ويقول الشهرستانى : (المجوسية يقال لها الدين الأكبر ، والملة العظمى).
وأطلق العرب اسم المجوس على قرصان النورمان ، والسكاندينافيين الذين حاولوا فى القرون الوسطى اقتحام السواحل أو الحدود فى بلاد الغرب الإسلامى.
وقد عرفت المجوسية بأنها ديانة الفرس ؛ لأن معظم الفرس كانوا يدينون بها منذ ظهرت فى بلادهم خصوصا (الزرادشتية). التى كانت الدين الرسمى (للدولة الساسانية) التى تأسست عام ٢٢٦ ق. م. وإن كانت بدايتها أسبق من نشأة هذه الدولة بكثير ، فشأن المجوسية شأن غيرها من أديان قديمة جابت أرجاء المعمورة فى مصر واليونان والصين والهند والعراق وغيرها ، لكنها لم تقتصر على بلاد الفرس وحدها ، حيث إن بعض العرب دانوا بها فى هجر وحضرموت وعمان ، وقيل : إن بعض العرب كان يدين (بالمزدكية) وممن تمجس من العرب (زرارة بن عدس) وابنه (حاجب) و (الأقرع بن حابس) وغيرهم. ـ