مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ (٢٠٥) ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ (٢٠٦) ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ) (٢٠٧) [الشعراء].
وقوله : (وَاللهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ).
هو على الوعيد أيضا.
قوله تعالى : (قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللهِ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (٩٧) مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ)(٩٨)
وقوله : (قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللهِ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ).
وذلك أن اليهود قالوا : لو كان الذى ينزل (١) على محمد بالوحى ميكائيل لاتّبعناه ، ونؤمن به ؛ لأن ميكائيل هو الذى ينزل بالغيث والرحمة ، وجبريل هو المنزل بالعذاب والحرب والشدائد ، فهو عدو لنا ؛ لذلك لا نتّبعه.
وفى جهة العداوة بينهم وبين جبريل وجه آخر ، وهو أن قالوا : إن جبريل أرسل بالوحى والرسالة فى أولاد إسرائيل ، لكنه أنزلها على أولاد إسماعيل ؛ عداوة لنا وبغضا ؛ لذلك نصبوا العداوة بينه وبينهم ـ والله أعلم بذلك ـ فأكذبهم الله ـ تعالى ـ بزعمهم ، فقال : (نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللهِ) ، لا كما تقول اليهود. وما ينزل من العذاب والشدائد ، إنما ينزل بأمره ، لا من تلقاء نفسه وذاته.
ثم كان إظهارهم عداوة جبريل ، لاعتقادهم عداوة الله ـ عزوجل ـ لكنهم لم يجترئوا على عداوة الله ـ على التصريح ـ فدل أنه على الكناية عن عداوة الله تبارك وتعالى.
ويدل هذا على أن الروافض طعنوا فى رسول الله صلىاللهعليهوسلم حيث طعنوا.
وقوله : (نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللهِ).
تقول الباطنية : إن القرآن لم ينزل على رسول الله ـ عليهالسلام ـ بالأحرف التى نقرؤها ، ولكنه إلهام ، نزل على قلبه ، ثم هو يصوره ويرسمه ذا الحروف ، ويعبر به ، ويعربه بالمعربة التى نقرؤها.
فلو كان على ما يقولون لزال (٢) موضع الاحتجاج عليهم بما أتى به معجزا ؛ كقوله :
__________________
(١) فى أ : نزل.
(٢) فى أ : تقول لزوال.