وقوله : (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
يحتمل : أن يكون الخطاب له ـ عليهالسلام ـ والمراد بالخطاب الذين سبق ذكرهم فى قوله : (ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا ...) الآية [البقرة : ١٠٥].
إنه قادر على إنزال الخير على من يشاء ، واختصاص بعض على بعض ، وتفضيل بعضهم على بعض.
ويحتمل : أن يكون المراد فى الخطاب له ـ عليه الصلاة والسلام ـ على حقيقة العلم على التذكير والتنبيه ، أى : تعلم أنت أن الله على كل شىء قدير ، وهو كقوله : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) [محمد : ١٩]. على حقيقة العلم له.
ويحتمل : على الإعلام والإخبار لقومه ، وقد ذكرنا.
وعلى ذلك يخرج قوله :
(أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ).
أى : من كان يملك ملك السموات وملك الأرض ، يملك تخصيص بعض على بعض ، وتفضيلهم فيها ، ويحكم فيها بما يشاء ، ويحدث من الأمر ما أراد ، والله أعلم.
ويحتمل : نزوله على أثر نوازل لم تذكر فيه ، وذلك فى القرآن كثير ، وإنما يقال هذا الحرف عند ضيق القلب ؛ تسكينا له.
ومعنى تخصيص السّماوات والأرض بالملك له ؛ لمنتهى علم الخلق بهما (١) ، وإن كان له ملك الدنيا والآخرة ، وبالله التوفيق.
وقوله : (وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ).
يدل هذا على أنه خرج على أثر نوازل وإن لم تذكر.
وقوله : (أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ).
سؤال تعنت : لن نؤمن لك ـ تعنتا ـ حتى نرى الله جهرة.
وقيل (٢) : إنهم سألوا ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم كما سأل قوم موسى موسى.
وقيل (٣) : سألوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يجعل الصفا ـ لهم ـ ذهبا إن كان ما يقوله حقّا.
وقيل (٤) : سؤالهم : (لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا) [الفرقان : ٢١] ، وكانوا
__________________
(١) فى ط : لهما.
(٢) قاله قتادة ، أخرجه ابن جرير عنه بنحوه (١٧٨١) ، وعن السدى (١٧٨٢). وانظر الدر المنثور (١ / ٢٠١).
(٣) قاله مجاهد ، أخرجه ابن جرير عنه (١٧٨٣ ، ١٧٨٤ ، ١٧٨٥). وانظر الدر المنثور (١ / ٢٠١).
(٤) انظر تفسير البغوى (١ / ١٠٥).