وأما أمر القبلة فإنما بنى على الاجتهاد والقصد ، دون إصابة عينها. والله أعلم.
وقوله : (إِنَّ اللهَ واسِعٌ عَلِيمٌ).
قيل (١) : الواسع : الغنىّ.
وقيل (٢) : الواسع : الجواد ، حيث جاد عليهم بقبول ما ابتغوا به وجه الله ، وحيث وسع عليهم أمر القبلة.
(عَلِيمٌ) بما قصدوا ونووا.
قوله تعالى : (وَقالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ (١١٦) بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (١١٧) وَقالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللهُ أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)(١١٨)
وقوله (وَقالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً سُبْحانَهُ).
فيه تنزيه ، نزه به نفسه عما قالوا فيه بما لا يليق ، ورد عليهم.
ومعناه ـ والله أعلم ـ : أنّ اتخاذ الولد ، والتبنى ـ فى الشاهد ـ إنما يكون لأحد وجوه ثلاثة تحوجه إلى ذلك :
إما لشهوات تغلبه ؛ فيقضيها به.
وإما لوحشة تأخذه ؛ فيحتاج إلى من يستأنس به.
أو لدفع عدو يقهره ؛ فيحتاج إلى من يستنصر به ويستغيث.
فإذا كان الله ـ عزوجل ـ يتعالى عن أن تمسه حاجة ، أو تأخذه وحشة ، أو يقهره عدو ، فلأى شىء يتخذ ولدا؟!.
وقوله : (بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ).
رد على ما قالوا : بأن من ملك السموات وما فيها ، وملك الأرض وما فيها ـ لا تمسه حاجة ، ولا يقهره عدو ؛ إذ كل ذلك ملك له ، يجرى فيهم تقديره ، ويمضى عليهم أمره وتدبيره ، وإنما يرغب إلى مثله إذا اعترض له شىء مما ذكرنا ، تعالى الله عما يقول الظالمون علوّا كبيرا.
فإن عورض بالخلة ، قيل : إن الخلة تقع على غير جوهر من منه الخلة ، والولد لا
__________________
(١) انظر تفسير البغوى (١ / ١٠٨).
(٢) انظر تفسير البغوى (١ / ١٠٨).