قيل : بينا أمر محمد صلىاللهعليهوسلم بالآيات ، والحجج التى أقامها : أنه رسول لمن آمن به ، وصدقه ، ولم يعانده.
قوله تعالى : (إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ (١١٩) وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (١٢٠) الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (١٢١) يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ (١٢٢) وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ)(١٢٣)
وقوله : (إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً).
قيل : (إِنَّا أَرْسَلْناكَ) يا محمد ؛ لتدعوهم إلى الحق ، وهو التوحيد.
وقيل : بالحق : بالقرآن.
وقيل : بالحق : بالحجج والآيات.
(بَشِيراً) لمن أطاعه بالجنة ، (وَنَذِيراً) لمن عصاه وخالف أمره بالنار.
وقيل : بالحق الذى لله على الخلق ، والحق الذى لبعض على بعض ؛ لتدعوهم إليه وتدلهم عليه.
وقوله : «ولا تسأل عن أصحاب الجحيم» (١).
وجائز أن يكون بمعنى : لا تسأل بعد هذا عنهم. ولم يذكر أنه سئل عنهم بعده ؛ فيكون ذلك آية له بما هو خبر عن علم الغيب.
قيل : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ قال : «ليت شعرى! ما فعل أبواى؟» فأنزل الله ـ تعالى ـ
__________________
(١) ثبت فى حاشية أ : قوله ـ سبحانه وتعالى ـ : وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ فيه لغتان ؛ بنصب التاء ، وضمها. أما النصب ، فقد قيل : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم سأل عن أبويه ذات يوم ؛ فقال : ليت شعرى! ما فعل أبواى؟!
فأوحى الله تعالى : (وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ) بمعنى النهى عن أصحاب الجحيم.
وأما الضم فيحتمل وجهين :
لا ؛ أى لا تسأل أنت يا محمد عن ذنوب أصحاب الجحيم. وهو كقوله تعالى : «ولا يسألون عما كانوا يعملون». وكقوله : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) ونحوه.
والثانى : أى لا تسأل بعد هذا عن أصحاب الجحيم. ولم يذكر أنه سأل عنهم بعده.
فإن كان على هذا الوجه فهو أثر دلالة على إثبات رسالة محمد صلىاللهعليهوسلم فإنه أخبر عن الغيبة فلا يعرف إلا بطريق الوحى ، والله تعالى أعلم ، شرح.