وقال الحسن (١) : لا ينال الظالم فى الآخرة العهد.
ويحتمل : أن يكون المراد من ذلك : وذريتى ، فأخبر أن فيهم من لا يصلح لذلك.
ويحتمل : أن يريد به الإمامة لا النبوة ، وقد كانت هى فى نسل كل الفرق ، والنبوة كانت فيهم.
ويحتمل : أن يكون قصد خصوصا من ذريته ، ممن علم الله أن فيهم من لا يصلح لذلك.
ولا يحتمل : أن يريد به الإمامة لا النبوة وقد ذكر ، أو قال الإنسان : قيل له : إنه من ذريتك لكن لا ينال من ذكر ؛ ولهذا خص بالدعاء من آمن منهم دون من كفر.
وقوله : (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ).
قيل (٢) : المثابة. المجمع.
وقيل (٣) : المثابة : المرجع ، يثوبون : يرجعون.
وقيل (٤) : يحجون.
وقوله : (مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً).
هو فعل العباد ؛ لأنهم يأمنون ويثوبون.
أخبر أنه جعل ذلك ؛ ففيه دلالة خلق أفعال العباد (٥).
__________________
(١) قاله قتادة ، أخرجه ابن جرير عنه بنحوه (١٩٥٩ ، ١٩٦٠) وعن إبراهيم (١٩٦١).
(٢) قاله قتادة ، أخرجه ابن جرير عنه (١٩٧٧) ، وانظر تفسير البغوى (١ / ١١٢).
(٣) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير عنه بنحوه (١٩٦٩) ، وانظر تفسير البغوى (١ / ١١٢) ، والدر المنثور (١ / ٢٢٢).
(٤) قاله سعيد بن جبير ، أخرجه ابن جرير عنه (١٩٧٤ ، ١٩٧٥) وانظر تفسير البغوى (١ / ١١٢) ، والدر المنثور (١ / ٢٢٢).
(٥) وهى مسألة معروفة بخلق أفعال العباد ، ومسألة الجبر والاختيار من المسائل التى نوقشت بشدة بين مفكرى الإسلام الذين انقسموا فيها إلى فرق شتى ، واختلفوا تبعا لفهم كل منهم لها ، فمن قائل بالجبر ، وقائل بالحرية التامة ، ووسط هذه المعارك نجد من يحاول جمع الفرق المتنازعة على كلمة سواء ويمكن أن نرد الخلاف حول المسألة إلى أربعة مذاهب :
الأول : مذهب المعتزلة : وهو أن العبد فاعل ومحدث لأفعاله الاختيارية ، فأفعال العباد من حركات وسكنات واقعة من جهتهم بإقدار الله لهم على هذه الأحداث ، وعلى ذلك فإن من قال : إن أفعال العباد الاختيارية واقعة بقدرة الله ، فقد أخطأ ، فقدرة الله لا تتعلق بأفعال العباد من حيث الإيجاد والنفى.
أدلتهم استدل المعتزلة من العقل فقالوا : «لو كان الله تعالى هو الخالق لأفعال العباد لوجب كونهم مضطرين إليها ، وألا يكون بين ما يكتسبه العبد وما يضطر إليه فرق. وفى علمنا بالفرق بينهما دلالة على فساد كل قول يسقط الفرق الذى علمناه». ـ