الجواز من الفساد.
وقوله : (فَإِنَّ اللهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ).
قيل : (شاكِرٌ) ، أى يجزيهم جزاء الخطير بعمل اليسير.
وقيل : يقبل القليل ويعطى الجزيل. وهو واحد.
عامل الله عزوجل بكرمه ولطفه عباده معاملة من لا حق له فى أموالهم وأنفسهم ؛ حيث وعد قبول اليسير من العمل ، وإعطاء الجزيل من الثواب ؛ وحيث طلب منهم الإقراض ، ووعد لهم العظيم من الجزاء ، كمن لا حق له فيها ، بقوله : (وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً) [المزمل : ٢٠] ، وحيث خرج القول منه فى الابتلاء والامتحان مخرج الاعتذار لهم كأن لا حق له فيه ، بقوله : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ ...) [البقرة : ١٥٥] ، ثم بشرهم بالجنة بما صبروا على أخذ ما له أخذه ، وذلك من غاية اللطف والكرم.
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ (١٥٩) إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٦٠) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٦١) خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ)(١٦٢)
وقوله : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ).
قيل : (الْبَيِّناتِ) هى الحجج ، أى كتموا ما أنزل الله من الحجج التى كانت فى كتبهم.
وقيل (١) : كتموا ما بين فى كتبهم من نعت محمد صلىاللهعليهوسلم وصفته.
وجائز أن يكون (الْبَيِّناتِ) ما بين للخلق مما عليهم أن يأتوا ويتقوا من الأحكام من الحلال والحرام.
وقوله : (وَالْهُدى).
قيل : الصواب والرشد.
وقيل : (وَالْهُدى) ما جاءت به أنبياؤهم من شأن محمد صلىاللهعليهوسلم [ودينه وأمروا من هديه من
__________________
(١) قاله الربيع وقتادة والسدى ، أخرجه ابن جرير عنهم (٢٣٧٩ ، ٢٣٨٠ ، ٢٣٨١) ، وانظر الدر المنثور (١ / ٢٩٥ ، ٢٩٦).